وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب
[ ص: 181 ] ولا تنازعوا أي : لا تختلفوا فتفشلوا أي : تجبنوا ، وتذهب ريحكم أي : نصركم .
ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس إلى قوله : والله شديد العقاب قال الكلبي : مكة " إلى بدر أتاهم الخبر وهم بالجحفة قبل أن يصلوا إلى بدر أن عيرهم قد نجت ، فأراد القوم الرجوع ، فأتاهم إبليس في صورة إن المشركين لما خرجوا من " ، فقال : يا قوم ، لا ترجعوا حتى تستأصلوهم ؛ فإنكم كثير ، وعدوكم قليل فتأمن عيركم ، وأنا جار لكم على سراقة بن مالك بن جعشم بني كنانة ، ألا تمروا بحي من بني كنانة إلا أمدكم بالخيل والرجال والسلاح . فمضوا كما أمرهم للذي أراد الله من هلاكهم ، فالتقوا هم والمسلمون ببدر ، فنزلت الملائكة مع المسلمين في صف ، وإبليس في صف المشركين في صورة فلما نظر إبليس إلى الملائكة نكص على عقبيه ، وأخذ سراقة بن مالك الحارث بن هشام المخزومي بيده ، فقال : يا ، على هذه الحال تخذلنا ؟ قال : إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب . فقال له سراقة الحارث : ألا كان هذا القول أمس ؟ فلما رأى إبليس أن القوم قد أقبلوا إليهم دفع في صدر الحارث فخر ، وانطلق إبليس وانهزم المشركون ، فلما قدموا مكة قالوا : إنما انهزم بالناس ونقض الصف ، فبلغ ذلك سراقة ، فقدم عليهم سراقة مكة ، فقال : بلغني أنكم تزعمون أني انهزمت بالناس! فوالذي يحلف به ، ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم . فجعلوا يذكرونه ؛ أما أتيتنا يوم كذا ، وقلت لنا كذا . فجعل يحلف ، فلما أسلموا علموا أنه الشيطان . سراقة
قال الكلبي : وكان صادقا في قوله : إني أرى ما لا ترون ، وأما قوله : [ ص: 182 ] إني أخاف الله فكذب .