وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها
[ ص: 20 ] وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها يعني : انتظار رزق الله فقل لهم قولا ميسورا يعني : أن يقول للسائل : يرزقنا الله وإياك ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك قال الحسن : يقول : لا تكن [بخيلا منوعا] فيكون مثلك مثل الذي غلت يده إلى عنقه ولا تبسطها كل البسط فتنفق في غير بر فتقعد ملوما في عباد الله لا تستطيع أن [تسع] الناس محسورا أي : قد ذهب ما في يدك .
قال : المحسور والحسير الذي قد بالغ في التعب والإعياء ؛ المعنى : تحسرك العطية وتقطعك . محمد
إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أي : يضيق ولا تقتلوا أولادكم يعني : الموءودة خشية إملاق يعني : الفاقة إن قتلهم كان خطئا ذنبا كبيرا .
ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا يعني : القود ، إلا أن يعفو الولي أو يرضى بالدية إن أعطيها فلا يسرف في القتل أي : لا يقتل غير قاتله إنه كان منصورا أي : ينصره السلطان حتى يقيده منه . [ ص: 21 ] ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن يعني : أن يوفر ماله حتى إذا بلغ أشده دفع إليه ماله إن آنس منه الرشد .
قال : لما نزلت هذه الآية ، اشتدت عليهم ، فكانوا لا يخالطونهم في مطعم ولا نحوه ؛ فأنزل الله بعد ذلك : قتادة وإن تخالطوهم فإخوانكم في الدين وأوفوا بالعهد يعني : ما عاهدوا عليه فيما وافق الحق إن العهد كان مسئولا يسأل عنه الذين أعطوه وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير إذا أوفيتم الكيل ، وأقمتم الوزن وأحسن تأويلا يعني : عاقبة الآخرة . ومعنى (القسطاس) : العدل .
ولا تقف ما ليس لك به علم الآية ، تفسير الحسن : لا تقف أخاك المسلم من بعده إذا مر بك ؛ فتقول : إني رأيت هذا يفعل كذا ، وسمعت هذا يقول كذا ، لما لم تسمع ولم تر .
قال : أصل الكلمة من قولك : قفوت الأثر أقفوه قفوا ؛ إذا اتبعته فمعنى الآية : لا تتبعن لسانك من القول ما ليس لك به علم ، وهو الذي أراد محمد الحسن . إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا يسأل السمع عما سمع ، والبصر عما أبصر ، والقلب عما عزم عليه .
قال : كل جمع أشرت إليه من الناس وغيرهم ، ومن الموات فلفظه [ ص: 22 ] (أولئك) . محمد
ولا تمش في الأرض يعني : على الأرض مرحا كما يمشي المشركون .
قال : محمد حركة الأشر والبطر . أصل المرح : إنك لن تخرق الأرض بقدمك إذا مشيت ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه أي : خطيئته عند ربك مكروها .