الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا  أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا  وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا  وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا  وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا  

                                                                                                                                                                                                                                      قل ادعوا الذين زعمتم من دونه يعني : الأوثان فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أن يحول ذلك الضر إلى غيره أهون منه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 27 ] أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة يعني : القربة ، تفسير ابن مسعود : قال : نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن ، فأسلم الجنيون ولم يعلم بذلك النفر من العرب ، قال الله : أولئك الذين يدعون يعني : الجنيين الذين يعبدون هؤلاء يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : (أيهم أقرب) (أيهم) رفع بالابتداء ، والخبر (أقرب) المعنى : يطلبون الوسيلة إلى ربهم ، وينظرون أيهم أقرب إليه ؛ أي : بالأعمال الصالحة أقرب إليه يتوسلون به .

                                                                                                                                                                                                                                      وإن من قرية إلا نحن مهلكوها يخوفهم بالعذاب كان ذلك في الكتاب مسطورا أي : مكتوبا .

                                                                                                                                                                                                                                      وما منعنا أن نرسل بالآيات إلى قومك يا محمد وذلك أنهم سألوا الآيات إلا أن كذب بها الأولون وكنا إذا أرسلنا إلى قوم بآية فلم يؤمنوا أهلكناهم ؛ فلذلك لم نرسل إليهم بالآيات ؛ لأن آخر كفار هذه الأمة أخروا إلى النفخة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال قتادة : " إن أهل مكة قالوا للنبي عليه السلام : إن كان ما تقول حقا وسرك أن نؤمن ؛ فحول لنا الصفا ذهبا!  فأتاه جبريل فقال : إن شئت كان الذي سألك قومك ، ولكن إن هم لم يؤمنوا لم ينظروا ، وإن شئت استأنيت بقومك . قال : لا ، بل أستأني بقومي " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 28 ] قال محمد : قوله : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون أن) الأولى نصب و(أن) الثانية رفع ؛ المعنى : ما منعنا الإرسال إلا تكذيب الأولين . وآتينا ثمود الناقة مبصرة أي : بينة فظلموا بها أي : ظلموا أنفسهم بعقرها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا يخوفهم بالآية ؛ فيخبرهم أنهم إذا لم يؤمنوا عذبهم وإذ قلنا لك أوحينا إليك إن ربك أحاط بالناس يعني : أهل مكة أي : يعصمك منهم ؛ فلا يصلون إليك حتى تبلغ عن الله الرسالة . وما جعلنا الرؤيا التي أريناك يعني : ما أراه الله ليلة أسري به ، وليس برؤيا المنام ، ولكن بالمعاينة إلا فتنة للناس للمشركين لما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بمسيره إلى بيت المقدس ، ورجوعه في ليلة كذب بذلك المشركون ؛ فافتتنوا لذلك والشجرة الملعونة في القرآن يقول : وما جعلنا أيضا الشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس . قال الحسن ومجاهد : هي شجرة الزقوم ؛ لما نزلت دعا أبو جهل بتمر وزبد ؛ فقال : تعالوا تزقموا ؛ فما نعلم الزقوم إلا هذا!

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحسن : وقوله : الملعونة في القرآن أي : أن أكلتها ملعونون في القرآن قال : ونخوفهم بالشجرة الزقوم فما يزيدهم تخويفنا إياهم بها وبغيرها إلا طغيانا كبيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 29 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية