ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا
ولقد كرمنا بني آدم أي : آدم على البهائم والسباع والهوام فضلنا بني ورزقناهم من الطيبات يعني : طيبات الطعام والشراب ؛ فجعل رزقهم أطيب من رزق الدواب والطير والجن .
يوم ندعو كل أناس بإمامهم تفسير قتادة : أي : بنبيهم . ومجاهد
قال : يجوز أن يكون نصب (يوم) على معنى : اذكر يوم ندعو كل أناس . محمد ولا يظلمون فتيلا أي : قدر فتيل ، والفتيل : الذي يكون في بطن النواة .
[ ص: 33 ] ومن كان في هذه أعمى تفسير : يقول : من كان في هذه الدنيا أعمى عما عاين فيها من نعم الله وخلقه وعجائبه ، فيعلم أن له معادا ، فهو فيما يغيب عنه من أمر الآخرة أعمى قتادة وأضل سبيلا أي : طريقا .
قال : وهذا من عمى القلب ؛ أي : هو في الآخرة أشد عمى وأضل سبيلا ؛ لأنه لا يجد طريقا إلى الهداية . محمد
وإن كادوا أي : قد كادوا ليفتنونك أي : يستزلونك عن الذي أوحينا إليك يعني : القرآن لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا لو فعلت ذلك ولولا أن ثبتناك عصمناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك لو فعلت ضعف الحياة أي : عذاب الدنيا وضعف الممات أي : عذاب الآخرة .
قال : المعنى : ضعف عذاب الحياة ، وضعف عذاب الممات . قال محمد : ذكر لنا أن قوما خلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة يكلمونه ويفخمونه ، وكان في قولهم أن قالوا : يا قتادة محمد ، إنك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس ، وأنت سيدنا وابن سيدنا . . . فما زالوا يكلمونه حتى كاد يقاربهم -يلين لهم- ث?م إن الله عصمه من ذلك .
وإن كادوا ليستفزونك من الأرض يعني بالأرض : مكة ليخرجوك منها أي : يخرجونك منها بالقتل ، في تفسير الحسن (وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا) يعني : بعدك حتى يستأصلهم بالعذاب لو قتلوك سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا أنهم إذا قتلوا نبيهم ، أهلكهم الله بالعذاب .
[ ص: 34 ] قال : يجوز أن يكون نصب (سنة) بمعنى : أنا (سننت) السنة فيمن أرسلنا قبلك . محمد