إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين
إن الذين سبقت لهم منا الحسنى يعني : الجنة أولئك عنها يعني : النار مبعدون قال الكلبي : قام رسول الله عليه السلام مقابل باب الكعبة ، ثم اقترأ هذه الآية : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم فوجد منها [ ص: 163 ] أهل مكة وجدا شديدا ، فقال ابن الزبعرى : يا محمد أرأيت الآية التي قرأت آنفا أفينا وهي آلهتنا خاصة ، أم في الأمم وآلهتهم ؟ قال : لا ؛ بل فيكم وفي آلهتكم وفي الأمم وآلهتهم . فقال : خصمتك والكعبة ؛ قد علمت أن النصارى يعبدون عيسى وأمه ، وإن طائفة من الناس يعبدون الملائكة ، أفليس هؤلاء مع آلهتنا في النار ؟ ! فسكت رسول الله ، وضحكت قريش ولجوا ؛ فأنزل الله جواب قولهم : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون يعني : عزيرا وعيسى والملائكة لا يسمعون حسيسها يعني : صوتها إلى قوله : الفزع الأكبر قال الحسن : يعني : النفخة الآخرة وتتلقاهم الملائكة قال الحسن : تتلقاهم بالبشارة حين يخرجون من قبورهم ، وتقول : هذا يومكم الذي كنتم توعدون .
(يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب) قال : يعني : كطي الصحيفة فيها الكتاب قتادة كما بدأنا أول خلق نعيده قال الكلبي : إذا أراد أن يبعث الموتى ، عاد الناس كلهم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ثم لحما ، ثم ينفخ فيهم الروح ، فكذلك بدأهم .
وقال : يرسل الله ماء من تحت العرش منيا كمني الرجال فتنبت به جسمانهم ولحمانهم ؛ كما تنبت الأرض من الثرى . ابن مسعود
[ ص: 164 ] وعدا علينا يعني : البدء إنا كنا فاعلين أي : نحن فاعلون .
قال : محمد وعدا منصوب على المصدر بمعنى : وعدناهم [هذا] وعدا .