الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين  قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون  ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون  ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون  قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون  فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين  أن أرسل معنا بني إسرائيل قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين

                                                                                                                                                                                                                                      قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينشرح بتبليغ الرسالة فشجعني حتى أبلغها . ولا ينطلق لساني للعقدة التي كانت فيه . يقرأ بالرفع : (ويضيق صدري ولا ينطلق لساني) ، وبالنصب : (ويضيق صدري ولا ينطلق لساني) أي : إني أخاف أن يكذبون ، وأخاف أن يضيق صدري [ ص: 272 ] ولا ينطلق لساني .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : ومن قرأهما بالرفع فعلى الابتداء . فأرسل إلى هارون [كقوله] وأشركه في أمري ولهم علي ذنب أي : ولهم عندي يعني : القبطي الذي قتله خطأ حيث وكزه ، قال الله : كلا أي : ليسوا بالذين يصلون إلى قتلك ؛ حتى تبلغ عني الرسالة ، ثم استأنف الكلام فقال : فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين يقوله لموسى وهارون ، وهي كلمة من كلام العرب ، يقول الرجل للرجل : من كان رسولك إلى فلان ؟ فيقول : فلان ، وفلان ، وفلان .

                                                                                                                                                                                                                                      قال محمد : الرسول قد يكون بمعنى الجميع ؛ وإلى هذا ذهب يحيى ، وقد يكون أيضا بمعنى الرسالة ؛ ومنه قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      لقد كذب الواشون ما فهت عندهم بسوء ولا أرسلتهم برسول



                                                                                                                                                                                                                                      أي : برسالة ، فمن تأول : (إنا رسول) على معنى : رسالة ، يقول : المعنى : إنا ذوا رسالة رب العالمين .

                                                                                                                                                                                                                                      أن أرسل معنا بني إسرائيل فلا تمنعهم من الإيمان ، ولا تأخذ منهم الجزية قال ألم نربك فينا وليدا أي : عندنا صغيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 273 ] قال ابن عباس : لما دخل موسى على فرعون عرفه عدو الله ، فقال : ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين لم تدع هذه النبوة .  

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية