وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم
وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون أي : يتبعكم فرعون وقومه إن هؤلاء لشرذمة قليلون أي : هم قليل في كثير .
قال : معنى (شرذمة) : طائفة ، وأصل الكلمة : القلة . محمد
قال : ذكر لنا أن قتادة موسى بهم البحر كانوا ستمائة ألف مقاتل . بني إسرائيل الذين قطع
قال الحسن : سوى الحشم . وكان مقدمة فرعون ألف ألف حصان ، ومائتي ألف حصان . وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حذرون) وتقرأ : حاذرون .
قال : والحاذر عند أهل اللغة : المستعد ، والحذر : المتيقظ . محمد
فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز أي : أموال ومقام كريم منزل حسن كذلك أي : هكذا كان الخبر . ثم انقطع الكلام ، ثم قال : وأورثناها بني إسرائيل رجعوا إلى مصر بعد ما أهلك الله فرعون وقومه ، في تفسير الحسن فأتبعوهم مشرقين يعني : حين أشرقت الشمس ؛ رجع إلى أول القصة .
[ ص: 277 ] قال : معنى محمد اتبعوهم : لحقوهم ، ويقال : أشرقنا ؛ أي : دخلنا في الشروق ، كما يقال : أمسينا وأصبحنا : دخلنا في المساء والصباح ، ويقال : شرقت الشمس إذا طلعت ، وأشرقت إذا أضاءت وصفت .
فلما تراءى الجمعان جمع موسى وجمع فرعون قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال موسى كلا إن معي ربي سيهدين إلى الطريق فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر جاءه جبريل على فرس ، فأمره أن يضرب البحر بعصاه ؛ فضربه فانفلق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم والطود : الجبل .
قال : صار اثني عشر طريقا لكل سبط طريق ، وصار ما بين كل طريقين منه مثل القناطير ينظر بعضهم إلى بعض قتادة وأزلفنا ثم الآخرين قال : يقول : أدنينا قتادة فرعون وجنوده إلى البحر . قال : يقال : أزلفني كذا أي : أدناني منه قتادة إن في ذلك لآية لعبرة لمن اعتبر وحذر أن ينزل به ما نزل بهم .
[ ص: 278 ]