كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
كتب عليكم القتال أي : فرض عليكم وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم قال الكلبي : كان هذا حين كان الجهاد فريضة والله يعلم وأنتم لا تعلمون قال الكلبي : علم أنه سيكون فيهم من يقاتل في سبيل الله ، فيستشهد .
قال محمد : كره لكم معناه : مشقة لكم ، لا أن المؤمنين يكرهون فرضا ؛ ويقال : كرهت الشيء كرها وكرها وكراهة . والقراءة : (كره) بالضم ؛ وتأويله : ذو كره لكم .
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه تفسير قال : (أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا في سرية فمر مجاهد : بابن الحضرمي يحمل خمرا من الطائف إلى مكة ، فرماه بسهم فقتله وكان بين النبي عليه السلام وبين قريش عهد فقتله آخر ليلة من جمادى الآخرة وأول ليلة من رجب ، فقالت قريش : أفي الشهر الحرام ولنا عهد ؟ ! فأنزل الله : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به أي : بالله والمسجد الحرام أي : وصد عن المسجد الحرام وإخراج أهله منه يعني : النبي عليه السلام وأصحابه ؛ أخرجهم [ ص: 218 ] المشركون من المسجد ؛ كل هذا أكبر عند الله من قتل ابن الحضرمي والفتنة يعني : الشرك أكبر من القتل .
قال يحيى : وكان هذا قبل أن يؤمر بقتالهم عامة .
قال قوله تعالى : محمد : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قتال) مخفوض على البدل من الشهر الحرام ، المعنى : ويسألونك عن قتال في الشهر الحرام .
وقوله : قل قتال فيه كبير قتال) مرفوع بالابتداء ، و(كبير) خبره . ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا أي : ولن يستطيعوا فأولئك حبطت أعمالهم أي : بطلت .