يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم
يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما الميسر : القمار كله . وقوله : فيهما إثم كبير كانوا إذا شربوا الخمر فسكروا ، عدا بعضهم على بعض ، وكانوا يتقامرون حتى لا يبقى لأحدهم شيء ، فكان يورث ذلك بينهم عداوة .
وقوله : ومنافع للناس ما كانوا ينتفعون به من شربها وبيعها ، ومن القمار قبل أن يحرمهما الله ، قال ذمها الله في هذه الآية ، ولم يحرمها ؛ لما أراد أن يبلغ بها من المدة وهي يومئذ لهم حلال ، ثم أنزل الله بعد ذلك آية هي أشد منها : قتادة : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون فكانوا يشربونها ؛ حتى إذا حضرت الصلاة أمسكوا ، وكان السكر عليهم فيها حراما ، وأحل لهم ما خلا ذلك ، فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال - لما نزلت هذه الآية - : إن الله قد تقرب في تحريم هذه الخمر . ثم أنزل الله تحريمها في سورة المائدة ، فقال : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام إلى قوله : فهل أنتم منتهون فجاء تحريمها في هذه الآية قليلها وكثيرها .
[ ص: 220 ] قوله تعالى : يسألونك ماذا ينفقون يعني : الصدقة قل العفو تفسير الحسن : يعني : ما فضل عن نفقتك ، أو نفقة عيالك .
قال يحيى : وكان هذا قبل أن تنزل آية الزكاة .
قال قوله : محمد : العفو من قرأها بالنصب فعلى معنى : قل : أنفقوا العفو ، ومن قرأها بالرفع فعلى معنى : الذي ينفقون العفو . والعفو في اللغة : الفضل والكثرة ؛ يقال : قد عفا القوم ؛ إذا كثروا .
يحيى : عن عن أبي الأشهب ، الحسن ، عن النبي عليه السلام قال : (إن خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، ولا يلوم الله على الكفاف) .
قوله تعالى : كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة تفسير أي أن الدنيا] دار بلاء وفناء ، وأن الآخرة دار جزاء وبقاء . [قتادة :
ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير الآية] تفسير [ ص: 221 ] لما نزلت هذه الآية : قتادة : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده اشتدت عليهم ؛ فكانوا لا يخالطونهم في مطعم ولا نحوه ؛ فأنزل الله بعد ذلك : وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح فرخص الله لهم . ولو شاء الله لأعنتكم أي : لترككم في المنزلة] الأولى ؛ لا تخالطونهم ؛ فكان ذلك عليكم عنتا شديدا . [والعنت : الضيق] .
قال قوله : محمد : فإخوانكم القراءة بالرفع ؛ على معنى : فهم إخوانكم .