الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              قيل: إن صحة ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مبطلة صحة الخبر عنه أنه احتجم على رأسه وكاهله. وذلك أن حجم المحتجم ما يحجم من جسده، لما ذكرت قبل من طلب النفع لنفسه ودفع الضر عنها. فإذ ذلك كذلك، فالحق على كل محتجم أن يحجم من جسده أحرى أماكنه بسوق النفع بحجمه إياه إليه، ودفع الضر عنه، فاحتجامه عليه [ ص: 524 ] السلام في أخدعيه وبين كتفيه  في بعض أحايينه، غير موجب علينا إحالة احتجامه على هامته ونقرته، وغير ذلك من سائر أماكن جسده في حال أخرى، إذا كانت أماكن الحاجة إلى ذلك من أجساد بني آدم مختلفة، لاختلاف عللهم فيها. وقد ذكر عن المقدمين في العلم بعلاج أدواء الأجسام، أن حجامة الأخدعين، نفعهما للعارض من الأدواء في الصدر والرئة والكبد، لأنها تجذب الدم منها وأن الحجامة على النقرة، للعارض من الأدواء في العينين والعنق والرأس والظهر وأن الحجامة على الكاهل نفعها من الأدواء العارضة في الجسد كله وأن الحجامة على الهامة فوق القحف، نفعها من السدر وقروح الفخذ واحتباس الطمث. فإذا كانت منافع الحجامة، لاختلاف أماكنها من أجساد بني آدم، مختلفة، على ما وصفت، فمعلوم أن اختلاف حجم النبي صلى الله عليه وسلم من جسده ما حجم، كان على قدر اختلاف أسباب الحاجة إليه، فحجم مرة أو مرارا الأخدعين والكاهل، ومرة أعلى هامته وبين كتفيه، ومرة الأخدعين دون غيرهما. وليس حجمه بعض ذلك دون بعض، في الحال التي حجمه فيه بدافع صحة الخبر عنه حجمه مرة أخرى موضعا غيره من جسده، إذ كان فعله ما كان يفعل من ذلك التماس نفعه، ونفي الأذى عن نفسه.

              وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أن حجمه هامته كان لوجع أصابه في رأسه من أكله [ ص: 525 ] ما أكل بخيبر من الطعام المسموم، وأنه كان يصف حجم ذلك لعامة علل الرأس وما اتصل به من الأعضاء .

              ذكر الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك

              التالي السابق


              الخدمات العلمية