الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              تهذيب الآثار للطبري

              الطبري - محمد بن جرير الطبري

              صفحة جزء
              765 - وحدثني علي بن سعيد الكندي ، قال: حدثنا عبد [ ص: 418 ] الرحيم بن سليمان ، عن هشام ، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي ، أن رجلين حدثاه قالا: " جئنا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في حجة الوداع والناس يسألونه من الصدقة، فزحمنا الناس حتى خلصنا إليه، فسألناه من الصدقة، فرفع فينا بصره، وخفضه فرآنا رجلين جلدين، فقال: " إن شئتما فعلت ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب   ".

              فأخبر - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - اللذين سألاه أنه لا حظ في الصدقة لقوي مكتسب.  

              وفي قوله: لا حظ فيها لقوي مكتسب: الدلالة البينة على أن غير المكتسب له فيها الحظ.

              فإن قال قائل: فإن القوي القادر على الكسب مكتسب، وليس تركه الكسب بمبيح له ما حرم عليه من الصدقة قيل: أرأيت إن طلب الكسب فلم يصبه، أيكون مكتسبا في حال تعذر الكسب عليه؟ فإن قال: نعم; لأن صفته أنه مكتسب بقدرته على الكسب إذا وجده قيل: فقد يجب على هذا القول أن يكون الغني الذي هو في سفر منقطع به، وله في بلده المال العظيم الذي يستحق ببعضه اسم غني، غير جائز له أخذ الصدقة، وحراما عليه أخذها، وإن هلك جوعا!

              فإن قال: ذلك كذلك خالف في ذلك ما عليه الأمة، وفارق الأخبار الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وإن قال: حلال له الصدقة; لأن غناه غير كائن معه في سفره قيل: فكذلك المكتسب المتعذر عليه الكسب: حلال له الصدقة، إذا تعذر عليه الكسب، وإن كان من صفته أنه قادر على الكسب، إذا وجده! [ ص: 419 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية