فإن قال لنا قائل: فما وجه كراهة من كره صومه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم؟ قيل: وجه كراهتهم ذلك نظير كراهة من كره إذ كان شهرا كانت الجاهلية تعظمه، فكره من كره صومه أن يعظمه في الإسلام بصومه تعظيم أهل الجاهلية إياه في الشرك، فأراد بإفطاره وضع منار الكفر، وهدم أعلام الشرك. صوم رجب؛
وكذلك عاشوراء، كان -كما قد ذكرنا الخبر قبل عمن ذكرنا ذلك عنه -يوما يصومه أهل الشرك في الجاهلية، فأراد بإفطاره والنهي عن صومه -من أفطره وكره صومه -إبطال ما أبطله الله تعالى بما شرع لعباده من فرض صوم شهر رمضان، [ ص: 398 ] من سنة أهل الجاهلية في صومه، ومن غير تحريم منه صومه على من صامه، ولا موئسه من الثواب الذي وعد الله تعالى صائميه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، إذا صامه مبتغيا بصومه إياه استنجاز وعده ذلك، لا مريدا به إحياء سنة أهل الشرك، وكذلك ذلك في صوم رجب.