1913 - حدثنا نا إبراهيم الحربي، أبو نصر، عن أخبرني الأصمعي، قال: قال هارون الأعور؛ [ ص: 104 ] أرسلني أبي إلى قتيبة بن مسلم: ضرار بن القعقاع بن معبد بن زرارة، فقال: قل له: كان في قومك دم وجراح وحمالات، وقد اجتمعوا في المسجد وأحبوا حضورك، وأن يحملوك بعض ذلك ويقسم باقي ذلك على من حضر المسجد. قال قتيبة: فدخلت عليه منزله، فأخبرته، فقال: يا جارية! غديني. فجاءت له بكسيرات خشن وبتميرات وشيء من زيت، فجعلتهن في مريس، ثم صبت عليه من الزيت والماء، فأكل، ثم شرب عليه شربة من ماء ومسح يده. قال قتيبة: فجعل شأنه يصغر في عيني، وقلت: وما عسى أن يكون من هذا؟ فلما فرغ قال: الحمد لله، حنطة الأهواز، وتمر وزيت الشام، من يقدر يؤدي شكر هذا؟ ! ثم أخذ نعليه وارتدى بردائه، ثم انطلق معي إلى المسجد الجامع، فصلى ركعتين، فجعلت أنظر إلى كسوته؛ فإذا هي رثة تساوي دريهمات، فقلت في نفسي: ما يغني هذا؟ لو صلح صلح لنفسه. ثم قام حتى أتى حلقة [ ص: 105 ] القوم، فلما أتاهم؛ قام له وجوه أشراف البصرة، فجلس واحتبى وداروا حوله حلقة، فاجتمع الطالبون والمطلوبون، فأكثروا الكلام، فقال: إلى ماذا صار أمرهم؟ قالوا: إلى خمس وأربعين دية. فقال لهم: هي علي كلها. ثم قام، فالتفت أبي إلى من حضر، فقال: هذا وأبيك السؤدد والشرف.