( الرابع ) قال السعد : اعلم بأن  القائلين بعدم صحة إيمان المقلد أو ليس بنافع   اختلفوا ، فمنهم من قال : لا يشترط ابتناء الاعتقاد ( على استدلال عقلي ) في كل مسألة بل يكفي ابتناؤه على قول من عرفت رسالته بالمعجزة مشاهدة أو تواترا ، أو على الإجماع ، ومنهم من قال : لا بد من ابتناء الاعتقاد في كل مسألة من الأصول على دليل عقلي ، لكن لا يشترط الاقتدار على التعبير عنه ولا على مجادلة الخصوم ، وتقدم الصحيح المعتمد من هذا قريبا .  
ومنهم من قال : لا بد مع  ابتناء الاعتقاد على الدليل العقلي   من الاقتدار على مجادلة الخصوم ، وحل ما يورد عليه من الإشكالات - قال : وإليه ذهب  المعتزلة   فلم يحكموا بإيمان من عجز عن شيء من ذلك بل يحكم  أبو هاشم  بكفره .  
وقد تقدم عن  العنبري  وغيره من شيوخ  المعتزلة   جواز التقليد في أصول الدين ، وأنه لا يجب النظر اكتفاء بالعقد الجازم . فعليه المعول . واتضح أن المرجح صحة إيمان المقلد عند محققي كل طائفة بشرط الجزم وعدم التزلزل والشك ، على أنا نقول : المختار أن الراجع إلى أخبار الرسول ، والكتاب المنزل ، والإجماع ليس بمقلد ، فمن شهد لله بالوحدانية  ولمحمد      - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة ، ونهج سبيل المسلمين من فعل المأمور ، وترك المحظور ، ولم يأت بمكفر ، فهو المؤمن ، وبالله التوفيق .  
ويؤيد هذا ما أخرجه   الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر  في كتابه ( تبيين كذب المفتري ، فيما نسب إلى الإمام   أبي الحسن الأشعري     ) بسنده المتصل إلى  أبي حازم عمر بن   [ ص: 276 ] أحمد العبدوي الحافظ  أنه قال : سمعت  أبا علي طاهر بن أحمد السرخسي  يقول : لما قرب حضور أجل   أبي الحسن الأشعري     - رحمه الله تعالى - في داري  ببغداد   ، دعاني فأتيته ، فقال : اشهد علي أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة ، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد ، وإنما هذا كله اختلاف عبارات .  
انتهى بلفظه . فنسأل الله التوفيق ، وحسن الخاتمة .  
				
						
						
