( النفخة الثانية ) :  
نفخة الصعق   ، وفيها هلاك كل شيء ، قال تعالى : (  ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله      ) وقد فسر الصعق بالموت ، وفي الحديث المتقدم الذي رواه   ابن جرير  ، وما عطف عليه من حديث   أبى هريرة  رضي الله عنه ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  ثم يأمر الله  إسرافيل   فينفخ نفخة الصعق فيصعق أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله فيقول الله وهو أعلم : فمن بقي ؟ فيقول : أي رب بقيت أنت الحي القيوم الذي لا يموت ، وبقيت حملة العرش ، وبقي  جبريل   ،  وميكائيل   ، وبقيت أنا ، فيقول الله تعالى : فليمت  جبريل   وميكائيل   فيموتان ، ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول قد مات  جبريل   وميكائيل   ، فيقول الله تعالى فليمت حملة العرش ، فيموتون ، ويأمر الله العرش أن يقبض الصور من  إسرافيل   ، فيموت ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول : ربي قد مات حملة العرش ، فيقول وهو أعلم : فمن بقي ؟ فيقول : أنت الحي الذي لا يموت ، وبقيت أنا ، فيقول :  
أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت ، فيموت ، فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار طوى السماء والأرض كطي السجل للكتب ، وقال :  
" أنا الجبار ،  لمن الملك اليوم      " ثلاث مرات ، فلم يجبه أحد ، ثم يقول لنفسه "  لله الواحد القهار      "  
وتبدل الأرض غير الأرض والسموات ، فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم لا ترى فيها عوجا ، ولا أمتا     " الحديث .  
وأخرج  أبو الشيخ  عن  وهب  قال :  
هؤلاء الأربعة أملاك -  جبرائيل   وميكائيل   وإسرافيل   وملك الموت      - أول من خلقهم الله ، وآخر من يميتهم ، وأول من يحييهم ، هم المدبرات أمرا ، والمقسمات أمرا .  
قال  أبو عبد الله القرطبي     :  
والصور قرن من نور يجعل فيه أرواح الخلائق     . وقال  ماجد     : كالبوق . ذكره   البخاري  ، وأخرج  الترمذي  عن   عبد الله بن عمرو بن العاص     - رضي الله عنهما :  
جاء أعرابي إلى النبي صلى      [ ص: 164 ] الله عليه وسلم فقال : ما الصور ؟ قال : " قرن ينفخ فيه "  ، قال  الترمذي     : حديث حسن .  
وأخرج  الترمذي  أيضا وحسنه عن   أبي سعيد الخدري     - رضي الله عنه -  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :  
" كيف أنعم ، وصاحب الصور قد التقم القرن ، واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ "  فكأن ذلك ثقل على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم :  
"  قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل     " . وأخرج الإمام   عبد الله بن المبارك  ،   ومؤمل بن إسماعيل  ،  وعلي بن معبد  عن   عبد الله بن مسعود     - رضي الله عنه - حديثا مرفوعا فيه "  ثم يقوم ملك الصور بين السماء والأرض فينفخ فيه - والصور قرن - فلا يبقى خلق في السماوات والأرض إلا مات ، إلا من شاء ربك     " . الحديث .  
وأخرج الشيخان ، وغيرهما عن   أبي هريرة     - رضي الله عنه - مرفوعا "  يقبض الله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك ، أين الملوك  ؟ .  
وأخرج  مسلم  من حديث   ابن عمر     - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : "  يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون  ؟ " وسيأتي أن من لم يخلق للفناء لم يفن ، كالجنة وما فيها من الحور العين والولدان ، وكذا النار وما فيها من الحيات والعقارب والخزان ، والله أعلم .  
				
						
						
