( فائدة ) قال الحافظ : قد صح أن  الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام   فيكونون قد سلموا من تلك الأهوال ، ونجوا من ذلك النكال والوبال ، ففي مسند   الإمام أحمد  عن   أسامة بن زيد     - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :  
"  قمت على باب الجنة فإذا عامة من يدخلها الفقراء ، إلا أن أصحاب الجد - أي الحظ والثروة والمال محبوسون - إلا أن أهل النار فقد أمر بهم إلى النار     " الحديث متفق عليه ، وفي صحيح  مسلم  عن   عبد الله بن عمرو بن العاص     - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "  إن فقراء  المهاجرين   يسبقون الأغنياء إلى الجنة بأربعين خريفا     " وروى   أبو هريرة     - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "  يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام     " وحاصل ذلك أن الخلق يقفون المقدار الذي مر ،  وتدنو الشمس من رءوس الخلائق مقدار ميل   ، ويصيبهم من العرق بشدة الهول وعظم حر الشمس يومئذ أمر عظيم ، قال بعض السلف : لو طلعت الشمس على هيئتها يوم القيامة لأحرقت الأرض ، وأذابت الجوامد ، ونشفت الأنهار .  
وهذا الوقوف مع ما مر ( ( للحساب ) ) الثابت بالسنة والكتاب وإجماع أهل الحق بلا ارتياب ، قال تعالى :  
(  فوربك لنسألنهم أجمعين   عما كانوا يعملون      ) وقال في حق أعدائه : (  أولئك لهم سوء الحساب      ) - (  ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا      ) - (  فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره   ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره      ) قال  الثعلبي     :  
الحساب تعريف الله - عز وجل - الخلائق مقادير الجزاء على أعمالهم ، وتذكيره إياهم ما قد نسوه من ذلك ، يدل على هذا قوله تعالى : (  يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه      ) وقال بعضهم :  
معنى كونه محاسبا لخلقه أنه تعالى يعلمهم ما لهم ، وما عليهم .  
والحساب مصدر حاسب . وحسب الشيء يحسبه بالضم إذا عده سماعا ، وهو معنى قول من قال : الحساب لغد العد ، واصطلاحا توقيف الله عباده      [ ص: 172 ] قبل الانصراف من المحشر على أعمالهم خيرا كانت أو شرا تفصيلا لا بالوزن إلا من استثنى منهم .  
				
						
						
