( الثالث )
قال النسفي في بحر الكلام : إن لا يوزن لأنه ليس له ضد يوضع في كفة الميزان الأخرى ؛ لأن ضده الكفر ، والإيمان والكفر لا يكونان في الإيمان الإنسان الواحد .
قلت : هذا وزن كلمة الإخلاص ، وهي أس الإيمان ، وانتصر القرطبي للنسفي كالحكيم الترمذي ، وأجاب عن كلمة الإخلاص بأنها تكون إيمانا أول مرة ، وبعد ذلك تكون من حسناته .
قال : ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم : " رواه بلى إن لك عندنا حسنة ، ولم يقل : إن لك عندنا إيمانا ، وقد سئل - صلى الله عليه وسلم - عن لا إله إلا الله من الحسنات هي ؟ " من أعظم الحسنات البيهقي ، وغيره .
قلت :
وفيه نظر لا يخفى . ( فإن قيل ) ما الحكمة في الوزن مع أن الله عالم بكل شيء فيعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ؟ ( أجاب ) الثعلبي بأن الحكمة في ذلك تعريف الله عبيده ما لهم عنده من الجزاء من خير أو شر .
وقال العلامة الشيخ مرعي : بل الحكمة فيه إظهار العدل وبيان الفضل حيث أنه يزن مثقال الذرة من خير أو شر ( وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) .