408 - وأخبرنا ، أنا أبو علي الروذباري ، ثنا أبو بكر بن داسة ، ثنا أبو داود ، ثنا العباس بن عبد العظيم الأحوص بن جواب ، ثنا ، عن عمار بن رزيق أبي إسحاق ، عن الحارث ، وأبي ميسرة ، علي ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه "اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم ، وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ [ ص: 478 ] بناصيته ، اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم ، اللهم لا ينهزم جندك ولا يخلف وعدك ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد سبحانك ، وبحمدك" كان يقول عند مضجعه: قلت: فاستعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر بكلمات الله كما استعاذ بوجهه الكريم ، فكما أن وجهه الذي استعاذ به غير مخلوق ، فكذلك كلماته التي استعاذ بها غير مخلوقة ، وكلام الله تعالى واحد ، وإنما جاء بلفظ الجمع على معنى التعظيم والتفخيم ، كقوله: عن إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، وقال: فقدرنا فنعم القادرون ، وإنما سماها تامة؛ لأنه لا يجوز أن يكون في كلامه عيب أو نقص كما يكون ذلك في كلام الآدميين وبلغني عن رضي الله عنه ، أنه كان يستدل بذلك على أن أحمد بن حنبل قال: وذلك؛ لأنه ما من مخلوق إلا وفيه نقص قلت: وأما الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: القرآن غير مخلوق ، فلا يخالف ما قلنا وذلك؛ لأن الرضا عند "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وبك منك" رضي الله عنه يرجع إلى [ ص: 479 ] الإرادة ، وهو إرادة إكرام المؤمنين ، وكذلك الرحمة ترجع إلى الإرادة وهي إرادة الإنعام والإكرام ، والإرادة من صفات الذات فاستعاذته في هذا الخبر أيضا وقعت بصفة الذات كما وقعت في قوله: "بك" بالذات ، وبالله التوفيق ووجدت في كلام أبي الحسن الأشعري رحمه الله في هذا الحديث ، أنه استعاذ بالله تعالى ، وسأله أن يجيره برضاه من سخطه ، وبمعافاته من عقوبته ، قلت: فالاستعاذة في هذا أيضا وقعت بغير مخلوق؛ ليجعله من أهل رضاه ، ومعافاته دون سخطه وعقابه. أبي سليمان الخطابي