الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
849 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، ثنا إبراهيم بن الحسين ، ثنا آدم بن أبي إياس ، ثنا شيبان ، ثنا قتادة ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل تدرون ما هذه التي فوقكم ؟ " فقالوا : الله [ ص: 288 ] ورسوله أعلم . قال : " فإنها الرفيع : سقف محفوظ ، وموج مكفوف . هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن بينكم وبينها مسيرة خمسمائة عام ، وبينها وبين السماء الأخرى مثل ذلك " . حتى عد سبع سماوات ، وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام ، ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء السابعة مسيرة خمسمائة عام " . ثم قال : " هل تدرون ما هذه التي تحتكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنها الأرض وبينها وبين الأرض التي تحتها مسيرة خمسمائة عام " . حتى عد سبع أرضين وغلظ كل أرض مسيرة خمسمائة عام " ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة لهبط على الله تبارك وتعالى " . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو الأول والآخر والظاهر والباطن   . قلت : هذه الرواية في مسيرة خمسمائة عام اشتهرت فيما بين الناس ، وروينا عن ابن مسعود رضي الله عنه من قوله مثلها ، ويحتمل أن يختلف ذلك باختلاف قوة [ ص: 289 ] السير وضعفه ، وخفته وثقله ، فيكون بسير القوي أقل ، وبسير الضعيف أكثر ، والله أعلم .

والذي روي في آخر هذا الحديث إشارة إلى نفي المكان عن الله تعالى ، وأن العبد أينما كان فهو في القرب والبعد من الله تعالى سواء ، وأنه الظاهر ، فيصح إدراكه بالأدلة ؛ الباطن ، فلا يصح إدراكه بالكون في مكان . واستدل بعض أصحابنا في نفي المكان عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنت الظاهر فليس فوقك شيء " . وأنت الباطن فليس دونك شيء " . وإذا لم يكن فوقه شيء ولا دونه شيء لم يكن في مكان . وفي رواية الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه انقطاع ، ولا ثبت سماعه من أبي هريرة ، وروي من وجه آخر منقطع عن أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية