الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
48 - ذكر خريم بن فاتك الأسدي رضي الله عنه

شهد بدرا.

قال خريم: نظر إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " أي رجل أنت! لولا أن فيك خصلتين: تسبيل إزارك، وتوفير شعرك ".

قال: فرفع إزاره، وأخذ من شعره
 
[ ص: 404 ] أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق ، في كتابه، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، في كتابه ، حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد السكوني ، بالكوفة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن تسنيم الحضرمي ، حدثنا محمد بن خليفة الأسدي ، حدثنا الحسن بن محمد بن علي ، عن أبيه ، قال: قال عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه، ذات يوم لابن عباس رضي الله عنه: حدثني بحديث يعجبني، فقال: حدثني خريم بن فاتك الأسدي ، قال: خرجت في إبل لي فعقلتها، وتوسدت ذراع بعير منها وذلك حدثان خروج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي، وكذلك كانوا يصنعون في [ ص: 405 ] الجاهلية، فإذا هاتف يهتف بي ويقول:


ويحك عذ بالله ذي الجلال منزل الحرام والحلال     ووحد الله ولا تبال
ما هول ذي الجن من الأهوال     إذ تذكروا الله على الأميال
وفي سهول الأرض والجبال     وصار كيد الجن في سفال
إلا التقى وصالح الأعمال

قال: فقلت:


يا أيها الداعي فما تحيل؟     أرشد ذا عندك أم تضليل

فقال:

هذا رسول الله ذو الخيرات     جاء بياسين وحاميمات
في سور بعد مفصلات     محرمات ومحللات
يأمر بالصوم وبالصلاة     ويزجر الناس عن الهنات

قد كن في الأيام منكرات

قال: فقلت: من أنت رحمك الله؟ قال: أنا مالك بن مالك بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أرض أهل نجد، فقلت: لو كان لي من يكفيني إبلي هذه لأتيته حتى أؤمن به، فقال: أنا أكفيكها حتى أؤديها إلى [ ص: 406 ] أهلك سالمة إن شاء الله، فركبت بعيرا منها، ثم أتيت المدينة، فوافقت الناس يوم الجمعة وهم في الصلاة، فقلت: يقضون صلاتهم ثم أدخل، فإني كذلك إذ خرج إلي أبو ذر رضي الله عنه، فقال: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادخل" ، فدخلت فلما رآني قال: "ما فعل الشيخ الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك إلى أهلك سالمة، أما إنه قد أداها إلى أهلك سالمة" .

قلت: رحمه الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أجل، رحمه الله" .

فقال خريم: أشهد أن لا إله إلا الله، وحسن إسلامه


وفي رواية عبد الله بن موسى الإسكندراني ، عن محمد بن إسحاق ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه، قال: قال خريم بن فاتك ، لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، ألا أخبرك كيف كان بدء إسلامي؟ قال: بلى، قال: بينما أنا في طلب إبل لي إذ أنا منها على أثر إذ جنني الليل بأبرق العزاف، فناديت بأعلى صوتي: أعوذ بعزيز هذا الوادي من سفهاء قومه، فإذا هاتف يهتف بي.  


ويحك عذ بالله ذي الجلال


والمجد والنعماء والأفضال


ووحد الله ولا تبالي

[ ص: 407 ]

فزعرت زعرا شديدا فلما رجعت إلى نفسي، قلت:


يا أيها الهاتف ما تقول


أرشد عندك أم تضليل؟


بين هديت ما الحويل؟

قال:

رسول الله ذو الخيرات     بيثرب يدعو إلى النجاة
يأمر بالصوم وبالصلاة     ويردع الناس عن الهنات

وفي رواية فاتبعني وهو يقول: [ ص: 408 ] صاحبك الله عن طريق محمد بن خليفة ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذات يوم لابن عباس ، رضي الله عنه حدثني حديثا يعجبني به قال: حدثني خريم بن فاتك ، قال: خرجت في بغاء إبل لي بأبرق العزاف، فعقلتها، وذكر الحديث.

وفي رواية: فقلت:

أرشدني رشدا هديت     لا جعت ولا عريت
ولا برحت سيدا مقيت     لا تدثرن على الخير الذي أوتيت

[ ص: 409 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية