774 - حدثنا ، قال: حدثني عبد الله ، قال: حدثني أبو إبراهيم الترجماني شعيب، يعني: ابن صفوان الثقفي ، عن ، عن رجل حدثه، عن عبد الملك بن عمير ، أنه محمد بن [ ص: 477 ] يوسف بن عبد الله بن سلام الحجاج ليدخل عليه، فأنكره البوابون فردوه، فلم يتركوه حتى جاء عنبسة بن سعيد فاستأذن له، فأمر به أن يدخل عليه، فسلم فرد عليه السلام ثم مشى فقبل رأسه، فأمر الحجاج رجلين مما يلي السرير أن يوسعا له، فجلس فقال له الحجاج: لله أبوك هل تعلم حديثا حدثه أبوك عبد الملك أمير المؤمنين عن جدك؟ قال: أي حديث يرحمك الله؟ قال: حديث عبد الله بن سلام إذ حصره أهل مصر، فقال: نعم، قد علمت ذلك الحديث، فقال: أقبل عثمان فصرخ الناس له، حتى دخل على عبد الله بن سلام ، فوجد عثمان وحده في الدار، ليس معه أحد، قد عزم على الناس أن يخرجوا عنه، فخرجوا، فسلم عليه عثمان ، فقال: السلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله، فقال له أمير المؤمنين: ما جاء بك يا عبد الله بن سلام ، قال: جئت لأبيت معك حتى يفتح الله لك أو أستشهد معك، فإني لا أرى هؤلاء إلا قاتليك، فإن يقتلوك فخير لك وشر لهم، قال عبد الله بن سلام؟ فإني أعزم عليك بما لي عليك من الحق لما خرجت إليهم، خير يسوقه الله بك أو شر يدفعه الله بك، فسمع وأطاع، فخرج إلى القوم، فلما رأوه عظموه، وظنوا أنه قد جاءهم ببعض الذي يسرهم، فقام خطيبا فاجتمعوا إليه، فحمد الله وأثنى عليه، عثمان: فقال: إن الله بعث أتى محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا، يبشر بالجنة وينذر بالنار، فأظهر الله من اتبعه من المؤمنين على الدين كله ولو [ ص: 478 ] كره المشركون.
ثم اختار الله له المساكن فجعل مسكنه المدينة، فجعلها دار الهجرة والإيمان، وجعل بها قبره، وقبر أزواجه، ثم قال: إن الله بعث محمدا هدى ورحمة، فمن يهتدي من هذه الأمة فإنما يهتدي بهدى الله، ومن يضل منهم فإنما يضل بعد السنة والحجة، فبلغ محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسل به، ثم قبضه الله إليه، ثم إنه كان من قبلكم من الأمم إذا قتل النبي بين ظهرانيهم كانت ديته سبعين ألف مقاتل، كلهم يقتل به، وإذا قتل الخليفة كانت ديته خمسة وثلاثين ألف مقاتل، كلهم يقتل به، فلا تعجلوا إلى هذا الشيخ أمير المؤمنين بقتل اليوم، فإني أقسم بالله لقد حضر أجله، نجده في كتاب الله، ثم أقسم لكم بالله الذي نفسي بيده لا يقتله رجل إلا لقي الله عز وجل يوم القيامة مشلا يده مقطوعة، ثم اعلموا أنه ليس للوالد على ولده حق إلا لهذا الشيخ عليكم مثله، وقد أقسم لكم بالله ما زالت الملائكة بهذه المدينة منذ دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، وما زال سيف الله مغمودا عنكم منذ دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تسلوا سيف الله بعد إذ غمد عنكم ولا تطردوا جيرانكم من الملائكة، فلما قال ذلك لهم قاموا يسبونه ويقولون: كذب اليهودي، فقال لهم عبد الله: كذبتم والله وأثمتم، ما أنا باليهودي، إني لأحد المؤمنين يعلم ذلك الله ورسوله والمؤمنون، ولقد أنزل الله عز وجل في قرآنا فقال في آية من القرآن: قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ، وأنزل في آية أخرى: قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ، فانصرفوا من عنده ودخلوا على ، فذبحوه كما تذبح الحملان، فقام عثمان على باب المسجد حين فرغوا منه، وقتلته في المسجد، فقال: يا أهل مصر، يا قتلة عبد الله بن سلام ، أقتلتم أمير المؤمنين؟ فوالذي نفسي بيده، لا يزال بعده عهد منكوث، ودم مسفوح، ومال مقسوم، أبدا ما بقيتم، وقد دخل عليه قبل أن يقتل عثمان كثير بن الصلت الكندي ليلة قتل فيها من [ ص: 479 ] آخر النهار، فقال يا عثمان: كثير ، إني مقتول غدا، فقال له كثير: يا أمير المؤمنين، بل يعلي الله كعبك، ويكبت عدوك، فقال له الثانية: يا كثير، إني مقتول غدا، فقال: يا أمير المؤمنين، بل يعلي الله كعبك ويكبت عدوك، فقال له الثالثة أيضا، فقال له كثير ، عمن تقول هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال له أتاني أول الليل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عثمان: ، أبو بكر فقال: "يا وعمر ، إنك مقتول غدا" ، فأنا والله يا عثمان مقتول غدا، فقتل رحمه الله. كثير بن الصلت