الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        قوله جل وعز: ولقد كنتم تمنون الموت  الآية.

        971 - حدثنا موسى بن هارون بن عبد الله الحمال ، وابن بنت منيع ، قالا: حدثنا الحماني ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي ، عن أبي عون ، عن المسور بن مخرمة ، قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: "أي خال، أخبرني عن قصتكم يوم أحد؟ قال: " اقرأ وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين إلى قوله: ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون [ ص: 400 ] قال: هو تمني المؤمنين لقاء العدو"، اللفظ لابن بنت منيع.

        972 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا إسحاق ، قال: أخبرنا روح ، قال: حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون يقول: "غاب رجال عن بدر، فكانوا يتمنون مثل بدر أن يلقوه، فيصيبون من الأجر والخير ما أصاب أهل بدر، فلما كان يوم أحد ولى من ولى منهم، فعاتبهم الله عز وجل على ذلك".

        973 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق: ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ; أي: "لقد كنتم تمنون الشهادة على الذي أنتم عليه من الحق، قبل أن تلقوا عدوكم، يعني: الذين استأذنوا رسول الله إلى خروجه بهم إلى عدوهم، لما فاتهم من حضور اليوم الذي كان قبله ببدر في الشهادة التي فاتتهم به" [ ص: 401 ] .

        974 - حدثنا علي ، قال: حدثنا أحمد ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري ، ومحمد بن يحيى بن حبان ، وعاصم بن عمر بن قتادة ، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، وغيرهم من علمائنا، كل قد حدث بعض الحديث عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كلهم فيما سقت من هذا الحديث.

        قال: اجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت بحدها وحديدها، وأحابيشها، ومن اتبعها من بني كنانة، وأهل تهامة، حتى نزلوا بعينين: جبل ببطن السبخة، من قناة على شفير الوادي، مما يلي المدينة.

        فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله: "إني قد رأيت بقرا تنحر، ورأيت في ذباب سيفي ثلما، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا، أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها"، فقال رجال من المسلمين، ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد، وغيرهم ممن كان فاته بدر وحضوره: يا رسول الله، اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم، وضعفنا، فلم يزل الناس برسول الله حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس لأمته،
        [ ص: 402 ] فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ; أي: "الموت بالسيوف في أيدي الرجال، قد خلى بينكم وأنتم تنظرون إليهم، ثم صددتم عنهم.

        وقال بعضهم في قوله عز وجل: فقد رأيتموه وأنتم تنظرون " توكيدا، كما يقول: قد والله رأيته عيانا".

        التالي السابق


        الخدمات العلمية