بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة آل عمران 
قوله جل وعز : الم   الله لا إله إلا هو الحي القيوم    . 
 197  - حدثنا  موسى بن هارون  ، قال : حدثني  مجاهد بن موسى  ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي  ، قال : حدثنا  سعيد بن أبي عروبة  ، عن  قتادة   : أن الذي نزل بالمدينة  من القرآن : البقرة ، وآل عمران  ، وذكر بقية الحديث . 
 198  - حدثنا  علي بن عبد العزيز  ، قال : حدثنا  أحمد بن محمد بن أيوب  ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد  ، عن محمد بن إسحاق  ، عن محمد بن أبي محمد  ، عن عكرمة  أو سعيد  ، عن  ابن عباس  ، قال : كان  عبد الله بن عمرو  ، وزيد بن الحارث  ، يوادان رجالا من اليهود ، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم  الآية . 
 [ ص: 108 ] وقدم على رسول الله وفد نصارى نجران  ستون راكبا ، فيهم أربعة عشر من أشرافهم ، في الأربعة عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم ، العاقب  أمير القوم ، وذو رأيهم ، وصاحب مشورتهم ، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه ، واسمه عبد المسيح  ، والسيد  ثمالهم ، وصاحب رحلهم ومجتمعهم واسمه : الأيهم  ، وأبو حارثة بن علقمة  أحد بكر بن وائل  أشفعهم وحبرهم ، وإمامهم ، وصاحب مدارسهم ، كان أبو حارثة  قد شرف منهم ، ودرس كتبهم ، حتى حسن علمه في دينهم ، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه ، ومولوه ، وأخدموه ، وبنوا له الكنائس ، وبسطوا عليه الكرامات ، لما يبلغوا عنه من علمه واجتهاده في دينه . 
فلما وجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران  ، جلس أبو حارثة  على بغلته موجها ، وإلى جنبه أخ له يقال له : كوز بن علقمة  يسايره ، إذ عثرت بغلة أبي حارثة  ، فقال كوز : تعس الأبعد! - يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقال له أبو حارثة   : بل تعست أنت ؟! قال : ولم يا أخي ؟ قال : والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر ، قال له كوز   : فما يمنعك منه ، وأنت تعلم هذا ؟ قال : ما صنع بنا هؤلاء القوم ، شرفونا ، ومولونا ، وأكرمونا ، وقد أبوا إلا خلافه ، فلو فعلت نزعوا منا كل ما ترى ، فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة  حتى أسلم بعد ذلك ، فهو كان يحدث هذا الحديث عنه ، فيما بلغني . 
 [ ص: 109 ] قال أحمد   : وحدثنا إبراهيم بن سعد  هذا الحديث ، عن محمد بن إسحاق  ، عن ابن سفيان الأسلمي  ، عن عبد الرحمن بن البيلماني   . 
 199  - وحدثنا علي  ، قال : حدثنا أحمد  ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد  ، عن محمد بن إسحاق  ، عن  محمد بن جعفر بن الزبير  ، قال : قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة  ، فدخلوا عليه مسجده ، حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحبرات ؛ جبب وأردية في جمال رجال للحارث بن كعب  ، قال : يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ : ما رأينا بعدهم وفدا مثلهم ، وقد حانت صلاتهم ، فقاموا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يصلون ، فمنعوهم ؛ فقال رسول الله : دعوهم! فصلوا إلى المشرق . وكانت تسمية الأربعة عشر منهم الذي إليهم يؤول أمرهم : العاقب ، [وهو] عبد المسيح  ، والسيد ، - وهو الأيهم-  ، وأبو حارثة بن علقمة أخو بكر بن وائل  ، وأوس   [و] الحارث  ، وزيد  ، وقيس  ، ويزيد  ، ونبيه  ، وخويلد  ، وعمرو  ، وخالد  ، وعبد الله  ، ويحنس  في ستين راكبا . فكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم أبو حارثة بن علقمة  ، والعاقب  ، وعبد المسيح  ، والأيهم السيد  ، وهو من النصرانية على دين الملك ، مع اختلاف من أمرهم ، يقولون : هو الله ، ويقولون : هو ولد الله ، ويقولون : هو ثالث ثلاثة ، وكذلك قول النصرانية فهم  [ ص: 110 ] يحتجون في قولهم يقولون : هو الله بأنه كان يحيي الموتى ، ويبرئ الأسقام ، ويخبر بالغيوب ، ويخلق من الطين كهيئة الطير ، ثم ينفخ فيه ، فيكون طائرا ، وذلك كله بإذن الله ليجعله آية للناس! . 
ويحتجون في قولهم ، بأنه ولد أنهم يقولون : لم يكن له أب يعلم ، وقد تكلم في المهد شيئا ، لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله! ويحتجون في قولهم : إنه ثالث ثلاثة بقول الله عز وجل : فعلنا ، وأمرنا ، وخلقنا ، وقضينا ، فيقولون : لو كان واحدا ما قال : إلا فعلت وأمرت وقضيت وخلقت ، ولكنه هو وعيسى بن مريم  ، ففي كل ذلك من قولهم ، فلما كلمه الحبران ، قال لهما رسول الله : أسلما . قالا : قد أسلمنا قبلك ، قال : كذبتما ، يمنعكما من الإسلام ، دعاؤكما لله ولدا ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير ، قالا : فمن أبوه يا محمد  ؟ قال : فصمت رسول الله ، فلم يجبهما ؛ فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك من قولهم ، واختلاف أمرهم كله ، صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها ، فقال : الم  الله لا إله إلا هو الحي القيوم  ، فافتتح السورة بتنزيه نفسه مما قالوه ، وتوحيده إياها بالخلق والأمر ، لا شريك له فيه ، وردا عليهم ما ابتدعوا من الكفر ، وجعلوا معه من الأنداد ، واحتجاجا عليهم بقولهم في صاحبهم ؛ لتعرفهم بذلك ضلالتهم ، فقال : الم  الله لا إله إلا هو  ، أي : ليس معه غيره شريك في أمره ، الحي  ، الذي لا يموت ، وقد مات عيسى ، وصلب في قولهم ،  [ ص: 111 ] القيوم  ، القائم على مكانه من سلطانه في خلقه لا يزول ، وقد زال عيسى  في قولهم عن مكانه الذي كان به ، وذهب عنه إلى غيره  . 
 200  - حدثنا  علي بن المبارك  ، قال : حدثنا زيد بن المبارك  ، قال : حدثنا  محمد بن ثور  ، عن  ابن جريج  ، في قوله : الم  الله لا إله إلا هو الحي القيوم  ، قال : إن اليهود كانوا يجدون محمدا  وأمته ، أن محمدا  مبعوث ، ولا يدرون ما هذه أمة محمد  ، فلما بعث الله عز وجل محمدا  صلى الله عليه وسلم ، وأنزل : الم  الله لا إله إلا هو الحي القيوم  ، قالوا : قد كنا نعلم أن هذه الأمة مبعوثة ، وكنا لا ندري كم مدتها ؟ فإن كان محمد  صادقا ، فهو نبي هذه الأمة ، قد بين لنا كم مدة محمد  ؛ لأن الم  في حساب جملنا إحدى وسبعون سنة ، فما نصنع بدين إنما هو واحد وسبعون سنة ؟! فلما نزلت : الر  ، وكانت في حساب جملهم مائتي سنة ، وواحدة وثلاثين سنة ، فقالوا : هذا الآن مائتان وواحد وثلاثون سنة ، مع واحدة وسبعين قبل ، ثم أنزل : المر  ، فكان في حساب جملهم مائتي سنة وواحدة وسبعين سنة ، في نحو هذا من صدور السور ، فقالوا : قد التبس علينا أمره  [ ص: 112 ]  . 
قوله جل وعز : الم  الله لا إله إلا هو   . 
 201  - حدثنا  علي بن عبد العزيز  ، عن أبي عبيد  ، عن الكسائي  ، في قوله : الم  الله لا إله إلا هو  ، قال : إنما انفتحت الميم ، ولم تنخفض لفتحة الألف واللام التي استقبلتها ، وقد فسرناه في البقرة  . 
 202  - أخبرنا علي  ، قال : حدثنا الأثرم  ، عن  أبي عبيدة   : الم  ، افتتاح كلام شعار للسورة ، وقد مضى تفسيرها في البقرة ، ثم انقطع ، فقلت : الله لا إله إلا هو  استئناف  . 
قوله جل وعز : الحي القيوم   . 
 203  - حدثنا  علي بن عبد العزيز  ، عن أبي عبيد  ، قال : حدثنا حجاج  ، عن هارون بن موسى  ، عن محمد بن عمرو علقمة  ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب  ، عن أبيه ، عن عمر  ، أنه صلى العشاء الآخرة ، فاستفتح آل عمران ، فقرأ : (الم الله لا إله إلا هو الحي القيام) ، قال :  [ ص: 113 ] قال هارون   : وهي في مصحف عبد الله  مكتوبة : الحي القيم  . 
 204  - حدثنا علي  ، عن أبي عبيد  ، قال : حدثنا  شعبة  ، عن سفيان  ، عن  الأعمش  ، عن إبراهيم  ، عن علقمة  ، أنه قرأها : الحي القيام ، قال : قلت : أأنت سمعتها منه ؟ قال : لا أدري  . 
 205  - حدثنا علي  ، عن أبي عبيد  ، قال : فهذا من الفعل فيعال من قمت ، أصلها : قيوام ، فانقلبت الواو ياء ، ولو أنه فعال لكان : قوام ، كقول الله تبارك وتعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط  ، وقال أبو عبيد  ، في قوله عز وجل : القيوم   : " هي من الفعل : فيعول ، وكان في الأصل أن يكون : قيوم ، فانقلبت الواو لسكون الياء التي قبلها ، وكذلك القيام . 
 206  - حدثنا  علي بن المبارك  ، قال : حدثنا زيد بن المبارك  ، قال : حدثنا  محمد بن ثور  ، عن  ابن جريج  ، عن  مجاهد  ، في قوله عز وجل : الحي القيوم  ، قال : القائم على كل شيء  [ ص: 114 ]  . 
				
						
						
