الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        قوله جل وعز : ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا   .

        1082 - حدثنا زكريا ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، قال : قال عبد الله : " النعاس في القتال أمنة ، والنعاس في الصلاة من الشيطان .

        1083 - حدثنا موسى بن هارون ، وابن بنت منيع ، قالا : حدثنا يحيى الحماني ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي ، عن أبي عون ، عن المسور بن مخرمة ، عن عبد الرحمن بن عوف ، ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا قال : ألقي عليهم النوم .

        1084 - حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا يوسف بن البهلول ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ابن إسحاق ، قال : حدثني يحيى بن عباد ، عن [ ص: 455 ] أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، قال : قال الزبير : لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين اشتد علينا الخوف ، أرسل الله علينا النوم ، فما منا رجل إلا ذقنه في صدره ! فوالله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا   .

        1085 - حدثنا علي ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق : فأثابكم غما بغم أي كربا بعد كرب ، بقتل من قتل من إخوانكم ، وعلو عدوكم عليكم ، وما وقع في أنفسكم من قول من قال : قد قتل نبيكم ، فكان ذلك هما تتابع عليكم ، غما بغم ، لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من ظهوركم على عدوكم ، بما رأيتموهم بأعينكم ولا ما أصابكم من قبل إخوانكم ، حتى فرجت ذلك الكرب عنكم والله خبير بما تعملون ، وكان الذي فرج عنهم ما كانوا فيه من الكرب والغم الذي أصابهم أن الله جل وعز رد عليهم كذبة الشيطان بقتل نبيهم ، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين أظهرهم ، هان عليهم ما فاتهم من القوم ، بعد الظهور عليهم ، والمصيبة التي أصابتهم في إخوانهم ، حين صرف القتل عن نبيهم صلى الله عليه وسلم [ ص: 456 ] .

        قوله جل وعز : يغشى طائفة منكم .

        1086 - حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا شباب بن خليفة العصفري ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، عن أبي طلحة ، قال : "كنت فيمن أنزل عليهم النعاس يوم أحد ، سقط سيفي من يدي مرارا ، يسقط وآخذه ، ويسقط وآخذه   .

        1087 - حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة : يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم وذاكم يوم أحد ، كانوا يومئذ فريقين ، فأما المؤمنون : يغشاهم الله بالنعاس ، أمنة منه ورحمة .

        قوله جل وعز : وطائفة قد أهمتهم أنفسهم .

        1088 - حدثنا علي بن المبارك ، قال : حدثنا زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج : وطائفة قد أهمتهم أنفسهم وذلك أن المنافقين قالوا لعبد الله بن أبي -وكان سيد المنافقين في أنفسهم- قتل اليوم بنو الخزرج ! فقال : وهل لنا من الأمر شيء ؟ ! أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، وقال : لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل [ ص: 457 ] .

        1089 - حدثنا زكريا ، قال : حدثنا أبو صالح ، عن خارجة ، عن سعيد ، عن قتادة : يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم كانوا يومئذ فريقين ، فأما المؤمنون : فغشاهم النعاس أمنة ورحمة ، وأما الطائفة الأخرى : المنافقون ، ليس لهم هم إلا أنفسهم ، أجبن قوم وأرعبه ، وأخذله للحق ، يظنون بالله غير الحق .

        قوله جل وعز : يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء .

        1090 - حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب ، قال : حدثنا زيد ، عن سعيد ، عن قتادة : يظنون بالله غير الحق ظنونا كاذبة ، إنما هم أهل شرك وريبة في أمر الله .

        قوله جل وعز : يقولون هل لنا من الأمر من شيء الآية

        1091 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا يوسف بن البهلول ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ابن إسحاق ، قال : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، قال : قال الزبير : أرسل الله علينا النوم (يعني : يوم أحد ) فوالله إني لأسمع كالحلم [ ص: 458 ] قول معتب بن قشير : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا فحفظتها منه ، وفي ذلك أنزل الله جل وعز : ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا إلى قوله : ما قتلنا هاهنا ، لقول معتب بن قشير .

        قوله جل وعز : قل لو كنتم في بيوتكم .

        1092 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق : قل لو كنتم في بيوتكم لم تحضروا هذا الموطن الذي أظهر الله فيه منكم ما أظهر من سرائركم ، لأخرج الذين كتب عليهم القتل إلى موطن غيره ، يصرعون فيه ، حتى يبتلي به ما في صدورهم ، ويمحص به ما في قلوبهم والله عليم بذات الصدور أي : لا يخفى عليه ما في صدورهم ، مما استخفوا به منكم .

        وقال بعضهم : وليبتلي الله ما في صدوركم أي : كي يبتلي الله ما في صدوركم .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية