1190 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، قال : وهي من المدينة على ثمانية أميال ، فأقام بها ، الاثنين والثلاثاء والأربعاء ومر به -كما حدثنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان الغد; من غد يوم أحد حتى انتهى إلى حمراء [ ص: 498 ] الأسد عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم- معبد الخزاعي ، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة ، صفقتهم معه ، لا يخفون عليه شيئا بها -ومعبد يومئذ مشرك- فقال : يا محمد ! أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك ولوددنا أن الله أعفاك منهم ! ثم خرج [من عند] رسول الله بحمراء الأسد حتى لقي أبا سفيان ومن معه ، بالروحاء ، وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقالوا : أصبنا حد أصحابه ، وقادتهم ، وأشرافهم ، ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم ، لنكرن على بقيتهم ، فلنفرغن منهم .
فلما رأى أبو سفيان معبدا قال : ما وراءك يا معبد ؟ قال : محمد ! خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط ، يتحرقون عليكم تحرقا ، قد [ ص: 499 ] اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم ، وندموا على ما صنعوا ، فيهم من الحنق عليكم ، شيء لم أر مثله قط ! قال : ويحك ما تقول ؟ ! قال : والله ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصي الخيل ! . قال : فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم ، لنستأصل بقيتهم ! قال : فإني أنهاك عن ذلك ، فوالله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتا من الشعر ، قال : وماذا قلت ؟ قال : قلت :
كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل تردي بأسد كرام لا تنابلة
عند اللقاء ولا خرق معازيل فظلت أعدوا أظن الأرض مائلة
لما سموا برئيس غير مخذول
ويل ابن حرب من لقائكم إذا تغطمطت البطحاء بالخيل
إني نذير لأهل البسل ضاحية لكل ذي إربة منهم ومعقول
من جيش أحمد لا وخش قنابله وليس يوصف ما أنذرت بالقيل
فكان ما نزل من القرآن الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل والناس الذين قالوا لهم قال النفر من عبد القيس أبو سفيان ما قال إن أبا سفيان ومن معه راجعون إليكم يقول الله جل وعز : فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم لما صرف عنهم من لقاء عدوهم إنما ذلكم الشيطان أي : لأولئك الرهط وما ألقى الشيطان على أفواههم يخوف أولياءه أي : يرهبكم بأوليائه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين [ ص: 501 ] .
قوله جل وعز : الذين قال لهم الناس .
1191 - أخبرنا ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز الأثرم ، عن : أبي عبيدة الذين قال لهم الناس وقع المعنى على رجل واحد ، والعرب تفعل ذلك ! يقول الرجل : فعلنا كذا ، وفعلنا كذا ، وإنما يعني نفسه ، وفي القرآن إنا كل شيء خلقناه بقدر والله هو الخالق .
وقال في موضع آخر : ومن مجاز ما جاء لفظه لفظ الجمع الذي له واحد منه ، ووقع معنى هذا الجمع على الواحد ، قال الله عز وجل : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم والناس جمع ، وكان الذي قال هم رجل واحد ، وقال : إنا رسولا ربك ، وقال إنا كل شيء خلقناه بقدر والخالق الله وحده " .
1192 - حدثنا علي ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق : الذين قال لهم الناس ، والناس الذين قالوا لهم ما قالوا ، النفر من عبد القيس ، الذين قال لهم أبو سفيان ما قال [ ص: 502 ] .
قوله جل وعز : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم .
1193 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن المبارك زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ، عن ابن جريج : مجاهد الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ، قال : هذا أبو سفيان قال لمحمد صلى الله عليه وسلم يوم أحد : "موعدكم بدرا ، حيث قتلتم أصحابنا" ! فقال محمد صلى الله عليه وسلم : عسى ! فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده ، حتى نزلوا بدرا ، فوافوا السوق ، فابتاعوا . قال فذلك قوله : فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء .
1194 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي الصائغ ، قال : حدثنا سعيد بن منصور سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، قال : كانت بدر متجرا في الجاهلية ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم واعد أبا سفيان أن يلقاه بها ، فلقيهم رجل ، فقال : إن بها جمعا عظيما من المشركين ، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، فأتوا بدرا فلم يلقوا بها أحدا ، فرجع الجبان ، ومضى الجريء ، فتسوقوا بها ولم يلقوا أحدا ، فنزلت : الذين قال لهم الناس إن الناس إلى قوله : بنعمة من الله وفضل [ ص: 503 ] .
1195 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن المبارك زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن -وذكر قصة الذين استجابوا لله- قال : فهم أيضا الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ، قال : لما تولى ابن جريج أبو سفيان يوم أحد معقبا ، قال : موعدكم بدرا العام القابل ! فلما كان ذلك الموعد ، عهد النبي عليه السلام وأصحابه بدرا فجعلوا يلقون المشركين ، فيسألونهم عن قريش ، فيقولون قد امتلأت بدر أناسا قد جمعوا لكم فكذبوهم ، يريدون يرعبونهم بذلك ، ويرهبونهم بذلك ! فيقول المؤمنون : حسبنا الله ونعم الوكيل ، حتى قدم النبي عليه السلام بدرا ، فوجدوا أسواقها عافية ليس ينازعهم ، وبها أحدا وكانت لها أسواق ، كأسواق مجنة وذي المجاز .
يتلوه في السابع عشر قوله جل وعز فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل .
والحمد لله كثيرا وصلى الله على محمد وآله وسلم [ ص: 504 ] [آل عمران من فزادهم إيمانا إلى آخرها
وعشر آيات من أول النساء
بسم الله الرحمن الرحيم]
قوله جل وعز : فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل .
1196 - حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن منصور سفيان ، عن زكريا ، عن ، قال : قال الشعبي عبد الله : هي الكلمة التي قالها إبراهيم ، حيث ألقي في النار : "حسبنا الله ونعم الوكيل " . وهي الكلمة التي قالها نبيكم وأصحابه ، إذ قيل لهم : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل .
1197 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث يحيى بن أبي بكير الكوفي ، قال : حدثنا ، عن أبو بكر بن عياش ، عن أبي حصين ، أبي الضحى ، قال : كان آخر كلام ابن عباس إبراهيم حين ألقي في النار حسبي الله ونعم الوكيل . قال : قال نبيكم بمثلها : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل [ ص: 505 ] . عن