الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        قوله جل وعز : لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء   .

        1228 - حدثنا علي بن المبارك ، قال : حدثنا زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، قال : قال مولى ابن عباس : لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ، قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم : بعث أبا بكر إلى فنحاص اليهودي يستمده ، وكتب إليه ، وقال لأبي بكر : لا تفتت [ ص: 515 ] علي بشيء ، حتى ترجع إلي ، فلما قرأ فنحاص الكتاب ، قال : قد احتاج ربكم ، فسنفعل ، وسنمده قال أبو بكر : فهممت أن أمده بالسيف ، وهو متوشحه ، ثم ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تفتت علي بشيء " . فنزلت : لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ، وقوله : ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب ، وما بين ذلك في يهود بني قينقاع .

        1229 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ، قال : حدثنا إبراهيم ، عن محمد بن إسحاق : لقد سمع الله قول الذين قالوا .

        قال محمد بن إسحاق : دخل أبو بكر الصديق بيت المدراس على يهود ، فوجد منهم ناس كثير قد اجتمعوا إلى رجل منهم ، يقال له : فنحاص ، كان من علمائهم وأحبارهم ، ومعه حبر من أحبارهم يقال له : أشيع ، فقال أبو بكر لفنحاص : ويحك يا فنحاص ، اتق الله وأسلم ، فوالله إنك لتعلم أن محمدا لرسول الله ، جاءكم بالحق من عنده ، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل ! فقال فنحاص لأبي بكر : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر ، وإنه إلينا لفقير ، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا ، وإنا عنه لأغنياء ، [ ص: 516 ] وما هو بغني ما استقرضنا أموالنا ، كما يزعم صاحبكم ، وينهاكم عن الربا ويعطيناه ! ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الربا ! .

        قال : فغضب أبو بكر ، فضرب وجه فنحاص ضربا شديدا ، وقال : والذي نفسي بيده ، لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت رأسك ، أي عدو الله ، فأكذبونا بما استطعتم إن كنتم صادقين ! .

        فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : انظر يا محمد ما صنع صاحبك ! فقال رسول الله لأبي بكر : ما حملك على ما صنعت ؟ ! فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إن عدو الله قال قولا عظيما ، إنه زعم أن الله فقير ، وأنهم عنه أغنياء ! فلما قال ذلك غضبت لله ، قال : فجحد ذلك فنحاص ، وقال : والله ما قلت ذلك ! فأنزل الله عز وجل فيما قال فنحاص ، ردا عليه ، وتصديقا لأبي بكر : لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ، إلى قوله : ذوقوا عذاب الحريق ، ونزل في أبي بكر ، وما بلغه في ذلك من الغضب : ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور
        [ ص: 517 ] .

        1230 - حدثنا علي بن المبارك ، قال : حدثنا زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : صك أبو بكر رجلا منهم الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ، قال : لم يستقرضنا وهو غني ؟ ! وهم يهود .

        1231 - حدثنا محمد بن علي الصائغ ، قال : حدثنا أحمد بن شبيب ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة ، قوله : الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ، ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب ، لما أنزل الله جل وعز : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة قال : يستقرضنا ربنا ، وإنما يستقرض الفقير الغني .

        قوله جل وعز : سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق .

        1232 - أخبرنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا الأثرم ، عن أبي عبيدة : سنكتب ما قالوا سنحفظ عليهم .

        قوله عز وجل : ونقول ذوقوا عذاب الحريق .

        1233 - أخبرنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا الأثرم ، عن [ ص: 518 ] أبي عبيدة : ونقول ذوقوا عذاب الحريق ، عذاب الحريق : النار ، اسم جامع يكون نارا ، ويكون حريقا وغير حريق ، فإذا التهب فهي حريق .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية