الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        قوله جل وعز: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت   .

        1869 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من غزوة "ذات الرقاع" أقام بها بقية جمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، ثم خرج في شعبان إلى بدر ، لميعاد أبي سفيان ، حتى نزله، فأقام عليه ثماني ليال، ينظر أبا سفيان .

        وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة من ناحية مر الظهران ، وبعض الناس يقول: عسفان ثم بدا له الرجوع، فقال: يا معشر قريش إنه لا يصلحكم إلا عام خصب، وإن عامكم هذا عام جدب، فرجع، ورجع الناس فسماهم أهل مكة جيش السويق.

        ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فمكث بها حتى مضى ذو الحجة، وهي سنة أربع من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم غزا رسول الله [ ص: 744 ] "دومة الجندل" ثم رجع قبل أن يصل إليها ولم يلق كيدا، فأقام بالمدينة بقية سنته تلك، ثم كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس.

        فحدثنا علي ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، قال: فحدثني يزيد بن رومان، مولى أبي الزبير بن عروة بن الزبير ، ومن لا يتهم، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، والزهري ، وعاصم بن عمر بن قتادة ، وعبد الله بن أبي بكر ، ومحمد بن كعب القرظي ، وغيرهم، من علمائنا، فدل جميع حديثه في الحديث عن الخندق ، وبعضهم يحدث ما لا يحدث بعض، أنه كان من حديث الخندق ، أن نفرا من يهود، منهم: سلام بن أبي الحقيق النضري ، وحيي بن أخطب النضري ، وهودة بن قيس الوابلي ، وأبو عمار الوابلي ، في نفر من بني النضير ، ونفر من بني وائل ، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه، خرجوا حتى قدموا على قريش بمكة ، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنا سنكون معكم حتى نستأصله. فقالت لهم قريش: يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأول، والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد ، فديننا خير أم دينهم؟.

        قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منهم، فهم الذين أنزل الله جل ثناؤه فيهم: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا [ ص: 745 ] إلى قوله: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله أي: النبوة فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة .

        إلى قوله: وكفى بجهنم سعيرا ، فلما قالوا ذلك لقريش ، سروهم، ونشطوا إلى ما دعوهم له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا لذلك، واتعدوا له. وخرج أولئك النفر من يهود، حتى جاؤوا غطفان ، من قيس عيلان ، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبروهم أنه (سيكونوا) معهم عليه، وأن قريشا قد بايعوهم على ذلك، وأجمعوا معهم.

        1870 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال: حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن حسان بن فايد ، عن عمر بن الخطاب ، في قوله عز وجل: بالجبت والطاغوت قال: الجبت: السحر.

        1871 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا أبو ميسرة ، قال: حدثنا عبد الأعلى ، قال: حدثنا مسلم ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله جل وعز: يؤمنون بالجبت قال: الجبت: السحر.

        -وممن قال: إن الجبت: السحر: الشعبي وأبو العالية .

        [ ص: 746 ]

        1872 - حدثنا أبو ميسرة ، قال: حدثنا أبو كامل ، قال: حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله عز وجل: بالجبت والطاغوت قال: الجبت: الشيطان.

        1873 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا فضيل ، عن عطية : الجبت والطاغوت قال: الجبت: الشيطان.

        1874 - حدثنا علان ، قال: حدثنا أبو صالح ، قال: حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله عز وجل: بالجبت والطاغوت يقول: الشرك.

        1875 - حدثنا النجار ، قال: أخبرنا عبد الرزاق في الجبت والطاغوت ، قال الكلبي : هما كاهنان جميعا، كعب بن الأشرف ، وحيي بن أخطب .

        1876 - حدثنا النجار ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، قال: كان عكرمة يقول: الجبت والطاغوت : صنمان.

        [ ص: 747 ]

        1877 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا الأثرم ، عن أبي عبيدة : الجبت والطاغوت كل معبود من حجر، أو مدر، أو صورة، أو شيطان، فهو جبت وطاغوت.

        قوله جل وعز: والطاغوت .

        1878 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال: حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن حسان بن فايد ، عن عمر بن الخطاب ، في قوله عز وجل: بالجبت والطاغوت قال: الطاغوت: الشيطان.

        1879 - حدثنا موسى ، قال: حدثنا عبد الأعلى ، قال: حدثنا مسلم ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الطاغوت قال: الطاغوت: الشيطان، في صورة إنسان، يتحاكمون إليه، وهو صاحب أمرهم.

        -وممن قال إن الطاغوت الشيطان: الشعبي ، وأبو العالية .

        1880 - حدثنا أبو ميسرة ، قال: حدثنا أبو كامل -وهو الفضل بن الحسين الجحدري- قال: حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن [ ص: 748 ] جبير في قوله عز وجل جل ثناؤه: بالجبت والطاغوت قال: الطاغوت: الكاهن.

        1881 - حدثنا علي بن المبارك ، قال: حدثنا زيد ، قال: حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، عن عكرمة مولى ابن عباس : بالجبت والطاغوت الطاغوت: الكهانة.

        قوله جل وعز: ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى الآية.

        1882 - حدثنا زكريا ، قال: حدثنا بندار محمد بن بشار ، قال: حدثنا ابن أبي عدي ، قال: أنبأنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة أتوه فقالوا له: نحن أهل السقاية، والسدانة، وأنت سيد أهل المدينة ، فنحن خير أم هذا الصنبير المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا؟! قال: بل أنتم خير منه! قال: فنزلت عليه إن شانئك هو الأبتر ، قال: وأنزلت عليه [ ص: 749 ] ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت إلى قوله: نصيرا .

        1883 - حدثنا محمد بن علي الصائغ ، قال: حدثنا سعيد بن منصور ، قال: حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، قال: قدم حيي بن أخطب ، وكعب بن الأشرف إلى مكة ، فقالت قريش : أنتم أهل الكتاب، وأهل العلم، فنحن خير أم محمد ؟ قالوا: وما أنتم وما محمد ؟. قالوا: صنبور قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج، بنو غفار ، فنحن أهدى سبيلا أو هو؟ قالوا: أنتم، فأنزل الله جل ثناؤه: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا إلى قوله: فلن تجد له نصيرا .

        وروي عن قتادة نحو من ذلك.

        [ ص: 750 ]

        1884 - أخبرنا علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا الأثرم ، عن أبي عبيدة : أهدى سبيلا أقوم طريقة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية