والمقصود هنا : أنه إذا قيل بأن الإرادة يجب أن يقارنها مرادها [1] ، كان [ ذلك ] [2] دليلا على حدوث كل ما سوى الله . وإن قيل : يجوز أن يقارنها مرادها ويجوز أن لا يقارنها ، أو قيل : يمتنع مقارنة مرادها لها ، فعلى التقديرات الثلاثة يجب حدوث كل ما سوى الله .
أما [3] على تقدير وجوب مقارنة المراد للإرادة ، فلأنه إن كانت الإرادة أزلية ، لزم أن يكون جميع المرادات أزلية ، فلا يحدث شيء ، وهو خلاف الحس والعيان . وهذا مثل قولنا : لو كان موجبا بذاته أزليا [4] ، أو علة تامة لمعلوله ، لزم أن يكون جميع موجبه ومعلوله مقارنا له أزليا ، فيمتنع حدوث شيء عنه .
وإن كان هناك إرادة حادثة ، فإن الكلام [5] فيها كالكلام في غيرها من الحوادث : إن حدثت عن تلك الإرادة الأزلية التي يجب مقارنة مرادها لها كان ممتنعا ، وإن حدثت بلا إرادة ولا سبب حادث كان ذلك ممتنعا .
فتبين أنه . على القول بوجوب مقارنة المراد للإرادة يمتنع قدم شيء من [ ص: 389 ] العالم ، سواء قيل بقدم الإرادة أو حدوثها ، أو قدم شيء منها وحدوث شيء آخر