الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مقدمة المؤلف

                                                              [ ص: 1 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                              قال أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الفقيه الحافظ الأندلسي رحمه الله : بحمد الله أبتدئ وإياه أستعين وأستهدي ، وهو ولي عصمتي من الزلل ، في القول والعمل ، وولي توفيقي ، لا شريك له ، ولا حول ولا قوة إلا به . الحمد لله رب العالمين ، جامع الأولين والآخرين ليوم الفصل والدين ، حمدا يوجب رضاه ، ويقتضي المزيد من فضله ونعماه ، وصلى الله على محمد نبي الرحمة ، وهادي الأمة ، وخاتم النبوة ، وعلى آله أجمعين وسلم تسليما .

                                                              أما بعد ، فإن أولى ما نظر فيه الطالب ، وعني به العالم - بعد كتاب الله عز وجل - سنن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهي المبينة لمراد الله عز وجل من مجملات كتابه ، والدالة على حدوده ، والمفسرة له ، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله ، من اتبعها اهتدى ، ومن سلك غير سبيلها ضل وغوى ، وولاه الله ما تولى . ومن أوكد آلات السنن المعينة عليها ، والمؤدية إلى حفظها ، معرفة الذين نقلوها عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة ، وحفظوها عليه ، وبلغوها عنه ، وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين ، حتى كمل بما نقلوه الدين ، وثبتت بهم حجة الله تعالى على المسلمين ، فهم خير القرون ، وخير أمة أخرجت للناس ، [ ص: 2 ] ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسوله عليه السلام ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، ولا تعديل أكمل منه . قال الله تعالى ذكره : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود الآية . فهذه صفة من بادر إلى تصديقه والإيمان به ، وآزره ونصره ، [ولصق به] وصحبه ، وليس كذلك جميع من رآه ولا جميع من آمن به ، وسترى منازلهم من الدين والإيمان ، وفضائل ذوي الفضل والتقدم منهم ، فالله قد فضل بعض النبيين على بعض ، وكذلك سائر المسلمين ، والحمد لله رب العالمين ، وقال عز وجل : والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه . الآية .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية