الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              باب سمرة

                                                              1063 - سمرة بن جندب بن هلال بن جريج بن مرة بن حزن بن عمرو بن جابر بن ذي الرئاستين ، هكذا نسبه سليمان بن سيف . وقال ابن إسحاق وغيره من أهل النسب : هو من فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان حليف للأنصار ، يكنى أبا عبد الرحمن . وقيل : أبو عبد الله . وقيل أبو سليمان . وقيل : يكنى أبا سعيد ، سكن البصرة . وكان زياد يستخلفه عليها ستة أشهر وعلى الكوفة ستة أشهر ، فلما مات زياد استخلفه على البصرة . فأقره معاوية عليها عاما أو نحوه ، ثم عزله ، وكان شديدا على الحرورية ، كان إذا أتي بواحد منهم إليه قتله ولم يقله ، ويقول : شر قتلي تحت أديم السماء يكفرون المسلمين ويسفكون الدماء . فالحرورية ومن قاربهم في مذهبهم يطعنون عليه وينالون منه .

                                                              وكان ابن سيرين والحسن وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه ويجيبون عنه .

                                                              وقال ابن سيرين : في رسالة سمرة إلى بنيه علم كثير .

                                                              وقال الحسن : تذاكر سمرة وعمران بن حصين ، فذكر سمرة أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين : سكتة إذا كبر ، وسكتة إذا فرغ من قراءة ولا الضالين .  فأنكر ذلك عليه عمران بن حصين ، فكتبوا في ذلك إلى المدينة إلى أبي بن كعب ، فكان في جواب أبي بن كعب : أن سمرة قد صدق وحفظ .

                                                              حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا أبو هلال ، حدثنا عبد الله بن [ ص: 654 ] صبيح ، عن محمد بن سيرين ، قال : كان سمرة - ما علمت - عظيم الأمانة ، صدوق الحديث ، يحب الإسلام وأهله .

                                                              وأخبرنا عبد الرحمن بن يحيى ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن [علي بن ] مروان ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، فذكره بإسناده سواء .

                                                              وكان سمرة من الحفاظ المكثرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت وفاته بالبصرة [في خلافة معاوية ] سنة ثماني وخمسين ، سقط في قدر مملوءة ماء حارا كان يتعالج بالقعود عليها ، من كزاز شديد أصابه ، فسقط في القدر الحارة فمات ، فكان ذلك تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولأبي هريرة ولثالث معهما : آخركم موتا في النار .  روى عن سمرة من الصحابة عمران بن حصين ، وروى عنه كبار التابعين بالبصرة .

                                                              حدثنا عبد الرحمن بن يحيى ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن علي ، حدثنا سعيد بن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري ، حدثنا هشيم بن بشير ، قال : أخبرني عبد الحميد بن جعفر الأنصاري ، عن أبيه أن أم سمرة بن جندب مات عنها زوجها ، وترك ابنه سمرة ، وكانت امرأة جميلة فقدمت المدينة فخطبت ، فجعلت تقول : إنها لا تتزوج إلا برجل يكفل لها نفقة [ ص: 655 ] ابنها سمرة حتى يبلغ ، فتزوجها رجل من الأنصار على ذلك ، فكانت معه في الأنصار ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعرض غلمان الأنصار في كل عام ، فمر به غلام فأجازه في البعث ، وعرض عليه سمرة من بعده فرده ، فقال سمرة : يا رسول الله ، لقد أجزت غلاما ورددتني ، ولو صارعته لصرعته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فصارعه . قال : فصارعته فصرعته . فأجازني رسول الله صلى الله عليه وسلم في البعث .  وقال الواقدي : سمرة بن جندب الفزاري حليف للأنصار ، يكنى أبا سعيد .

                                                              حدثنا [عبد الرحمن بن يحيى ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن النعمان ، قال ] محمد [بن علي ] : حدثنا إبراهيم بن عرعرة ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، أخبرني حسين المعلم ، عن عبد الله بن بريدة ، قال : سمعت سمرة بن جندب يقول : لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما حدثا ، فكنت أحفظ عنه ، وما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالا هم أسن مني ، ولقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها ، فقام عليها للصلاة وسطها . روى عنه الحسن والشعبي ، وعلي بن ربيعة ، وقدامة بن وبرة .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية