الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1109 - سواد بن قارب الدوسي .

                                                              كذا قال ابن الكلبي . وقال ابن أبي خيثمة :

                                                              سواد بن قارب سدوسي من بني سدوس ، قال أبو حاتم : له صحبة .

                                                              قال أبو عمر : وكان يتكهن في الجاهلية ، وكان شاعرا ثم أسلم ، وداعبه عمر يوما فقال : ما فعلت كهانتك يا سواد! فغضب ، وقال : ما كنا عليه نحن وأنت يا عمر من جهلنا وكفرنا شر من الكهانة ، فما لك تعيرني بشيء تبت منه ، وأرجو من الله العفو عنه .

                                                              وقد روي أن عمر إذ قال له - وهو خليفة : كيف كهانتك اليوم ؟ غضب سواد ، وقال : يا أمير المؤمنين ، ما قالها لي أحد قبلك . فاستحيى عمر ، ثم قال له : يا سواد ، الذي كنا عليه من الشرك أعظم من كهانتك ، ثم سأله عن حديثه في بدء الإسلام وما أتاه به رئيه من ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره أنه أتاه رئيه ثلاث ليال متواليات ، وهو فيها كله بين النائم واليقظان ، فقال له : قم يا سواد ، فاسمع مقالتي ، واعقل إن كنت تعقل ، قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته ، وأنشد في كل ليلة من الثلاث ليال ثلاثة أبيات معناها واحد وقافيتها [مختلفة ] أولها :


                                                              عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها

                                                              [ ص: 675 ]

                                                              تهوي إلى مكة تبغي الهدى     ما صادق الجن ككذابها
                                                              فارحل إلى الصفوة من هاشم     ليس قداماها كأذنابها

                                                              وذكر تمام الخبر ، وفي آخر شعر سواد إذ قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأنشده ما كان من الجني رئيه إليه ثلاث ليال متواليات وذكر قوله في ذلك :


                                                              أتاني نجيي بعد هدء ورقدة     ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
                                                              ثلاث ليال قوله كل ليلة     أتاك نجي من لؤي بن غالب
                                                              فرفعت أذيال الإزار وشمرت     بي الفرس الوجناء حول السبائب
                                                              فأشهد أن الله لا رب غيره     وأنت مأمون على كل غائب
                                                              وأنك أدنى المرسلين وسيلة     إلى الله يا بن الأكرمين الأطايب
                                                              فمرنا بما يأتيك من وحي ربنا     وإن كان فيما جئت شيب الذوائب
                                                              وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة     بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية