الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1332 - عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك [بن ] النضر بن كنانة القرشي الفهري أبو عبيدة ، [ ص: 793 ] غلبت عليه كنيته .

                                                              قال الزبير : كان أبو عبيدة أهتم ، وذلك أنه نزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه النبي صلى الله عليه وسلم من المغفر يوم أحد ، فانتزعت ثنيتاه فحسنتا فاه ، فيقال : إنه ما رئي أهتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة .

                                                              وذكره بعضهم فيمن هاجر إلى أرض الحبشة ، ولم يختلفوا في شهوده بدرا ، والحديبية ، وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ، جاء ذكره فيهم في بعض الروايات ، وفي بعضها ابن مسعود ، وفي بعضها النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم تختلف تلك الآثار في التسعة .

                                                              وكان أبو عبيدة يدعى في الصحابة القوي الأمين ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجران : لأرسلن معكم القوي الأمين . ولقوله صلى الله عليه وسلم : لكل أمة أمين ، وأمين أمتي أبو عبيدة بن الجراح . وقال فيه أبو بكر الصديق يوم السقيفة : لقد رضيت لكم أحد الرجلين ، فبايعوا أيهما شئتم : عمر ، وأبو عبيدة بن الجراح .

                                                              وذكر ابن أبي شيبة ، عن ابن علية ، عن يونس ، عن الحسن ، قال :

                                                              قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من أصحابي أحد إلا لو شئت لوجدت عليه إلا أبا عبيدة . وذكر أيضا عن حسين بن علي ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : لما بعث عمر أبا عبيدة بن الجراح إلى الشام ، وعزل خالد بن الوليد قال [ ص: 794 ] خالد : بعث عليكم أمين هذه الأمة . فقال أبو عبيدة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خالد سيف من سيوف الله . ونعم فتى العشيرة . وذكر خليفة ، عن معاذ ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، قال : لما ولي عمر قال : والله لأنزعن خالدا حتى يعلم أن الله ينصر دينه .

                                                              قال : وأخبرنا علي وموسى ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : لما استخلف عمر كتب إلى أبي عبيدة : إني قد استعملتك وعزلت خالدا .

                                                              قال خليفة : لما ولي عمر عزل خالدا ، وولى أبو عبيدة حين فتح الشامات يزيد بن أبي سفيان على فلسطين ، وشرحبيل بن حسنة على الأردن ، وخالد بن الوليد على دمشق ، وحبيب بن مسلمة على حمص ، ثم عزله وولى عبد الله بن قرط الثمالي ، ثم عزله ، وولى عبادة بن الصامت ، ثم عزله ، وولى عبد الله بن قرط . ثم وقع طاعون عمواس ، فمات أبو عبيدة ، واستخلف معاذ ، ومات معاذ ، واستخلف يزيد بن أبي سفيان ، فمات يزيد ، واستخلف أخاه معاوية فأقره عمر .

                                                              وكان موت أبي عبيدة ومعاذ ويزيد في طاعون عمواس ، وكان طاعون عمواس بأرض الأردن وفلسطين سنة ثمان عشرة ، مات فيه نحو خمسة وعشرين ألفا . ويقال : إن عمواس قرية بين الرملة وبيت المقدس . وقيل إن ذلك كان لقولهم عم واس ، ذكر ذلك الأصمعي ، وكانت سن أبي عبيدة يوم توفي ثماني وخمسين سنة [ ص: 795 ] .

                                                              حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي ، حدثنا سليمان بن الحارث ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس أن أهل بحران قالوا : يا رسول الله ، ابعث معنا أمينا ، فأخذ بيد أبي عبيدة وقال : هذا أمين هذه الأمة .  وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ، من حديث حذيفة وغيره .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية