الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1354 - عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي .

                                                              قال الواقدي : يكنى أبا بشر . وقال ابن عمارة : يكنى أبا الربيع .

                                                              وقال إبراهيم بن المنذر : عباد بن بشر يكنى أبا بشر ، ويكنى أبا الربيع .

                                                              قال أبو عمر رضي الله عنه : لا يختلفون أنه أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير ، وذلك قبل إسلام سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وشهد بدرا ، وأحدا والمشاهد كلها ، وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف اليهودي ، وكان من فضلاء الصحابة [ ص: 802 ] .

                                                              روى أنس بن مالك أن عصاه كانت تضيء له ، إذ كان يخرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ليلا ، وعرض له ذلك مرة مع أسيد بن حضير ، فلما افترقا أضاءت لكل واحد منهما عصاه .

                                                              وروى حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال : كان عباد بن بشر ورجل آخر من الأنصار عند النبي صلى الله عليه وسلم يتحدثان في ليلة ظلماء حندس ، فخرجا من عنده ، فأضاءت عصا عباد بن بشر حتى انتهى عباد وذهب الآخر ، فأضاءت عصا الآخر .

                                                              وقال أبو عمر : الآخر أسيد بن حضير على ما ذكرناه ، وروينا ذلك من وجوه أخر .

                                                              حدثنا أبو القاسم خلف بن قاسم الحافظ ، حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي [بمكة ] ، حدثنا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، عن إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا ، كلهم من بني عبد الأشهل :

                                                              سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وعباد بن بشر .
                                                               هكذا ذكر البخاري ، ورواه الناس من طريق سلمة وغيره ، عن ابن إسحاق ، ذكره ابن جعفر الطبري ، وأبو العباس محمد بن إسحاق السراج . حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا سلمة عن ابن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن الزبير ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت [ ص: 803 ] .

                                                              كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين أحد أفضل منهم : سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وعباد بن بشر . قال عباد بن عبد الله : والله ما سماني أبي عبادا إلا به .

                                                              كان عباد بن بشر ممن قتل كعب بن الأشرف اليهودي الذي كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويحرض على أذاه . وقال عباد بن بشر في ذلك شعرا :


                                                              صرخت به فلم يعرض لصوتي ووافى طالعا من رأس جدر     فعدت له فقال من المنادي
                                                              فقلت أخوك عباد بن بشر     وهذي درعنا رهنا فخذها
                                                              لشهر إن وفى أو نصف شهر     فقال معاشر سغبوا وجاعوا
                                                              وما عدلوا الغنى من غير فقر     فأقبل نحونا يهوي سريعا
                                                              وقال لنا لقد جئتم بأمر     وفي أيماننا بيض جداد
                                                              مجردة بها الكفار نفري     فعانقه ابن مسلمة المردي
                                                              به الكفار كالليث الهزبر     وشد بسيفه صلتا عليه
                                                              فقطره أبو عبس بن جبر     فكان الله سادسنا فأبنا
                                                              بأنعم نعمة وأعز نصر     وجاء برأسه نفر كرام
                                                              همو ناهيك من صدق وبر

                                                              [ ص: 804 ]

                                                              والذين قتلوا كعب بن الأشرف : محمد بن مسلمة ، والحارث بن أوس ، وعباد بن بشر ، وأبو عبس بن جبر ، وأبو نائلة سلكان بن وقش الأشهلي .
                                                               

                                                              قال ابن إسحاق : شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عباد بن بشر ، وقتل يوم اليمامة شهيدا ، وكان له يومئذ بلاء وغناء ، فاستشهد يومئذ وهو ابن خمس وأربعين سنة .

                                                              وروى محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن [عباد بن عبد الله بن الزبير ] عن عائشة قالت : تهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، فسمع صوت عباد بن بشر ، فقال : يا عائشة ، صوت عباد بن بشر هذا ؟ قلت : نعم . قال : اللهم اغفر له .  حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ، حدثنا محمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني ببغداد ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا حرمي بن عمارة بن حفصة ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن ثابت ، عن عباد بن بشر الأنصاري - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا معشر الأنصار ، أنتم الشعار والناس الدثار ، فلا أوتين من قبلكم ، قال علي : وهذا حصين بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مصعب الخطمي ، من أهل المدينة ، وهذا عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت الأنصاري ، قال : ولا أحفظ لعباد بن بشر غير هذا الحديث .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية