وذكروا أن ثلاثة نفر ذهبوا على وجوههم ، فهاموا ولم يوجدوا ، ولم يسمع لهم بأثر : طالب بن أبي طالب ، وسنان بن حارثة ، ومرداس بن أبي عامر :
أبو عباس [بن مرداس ] .
عباس بن مرداس من المؤلفة قلوبهم ، وممن حسن إسلامه منهم ، ولما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم من سبي حنين [الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن ] مائة مائة من الإبل ، ونقص طائفة من المائة ، منهم عباس بن مرداس ، جعل وكان عباس بن مرداس يقول - إذا لم يبلغ به من العطاء ما بلغ بالأقرع بن حابس وعيينة بن حصن [ ص: 818 ] .
أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع فما كان حصن ولا حابس
يفوقان مرداس في مجمع وما كنت دون امرئ منهما
ومن تضع اليوم لا يرفع وقد كنت في القوم ذا تدرأ
فلم أعط شيئا ولم أمنع فصالا أفائل أعطيتها
عديد قوائمها الأربع وكانت نهابا تلافيتها
بكري على المهر في الأجرع وإيقاظي القوم أن يرقدوا
إذا هجع الناس لم أهجع
وروي أن قال يوما ، وقد ذكروا الشعراء في الشجاعة ، فقال : أشجع الناس في الشعر عبد الملك بن مروان عباس بن مرداس ، حيث يقول :
أقاتل في الكتيبة لا أبالي أحتفي كان فيها أم سواها
ما بال عينك فيها عائر سهر مثل الحماطة أغضى فوقها الشفر
عين أقاد بها من شوقها أرق فالماء يغمرها طورا وينحدر
كأنه نظم در عند ناظمه تقطع السلك منه فهو منتثر
يا بعد منزل من ترجو مودته ومن أتى دونه الصمان والحفر
دع ما تقدم من عهد الشباب فقد ولى الشباب وجاء الشيب والذعر
واذكر بلاء سليم في مواطنها وفي سليم لأهل الفخر مفتخر
ومن قوله المستحسن :
جزى الله خيرا خيرنا لصديقه وزوده زادا كزاد أبي سعد
وزوده صدقا وبرا ونائلا وما كان في تلك الوفادة من حمد
يا خاتم النباء إنك مرسل بالحق كل هدى السبيل هداكا
إن الإله بنى عليك محبة في خلقه ومحمدا سماكا
ويقال : بل عفيف بن معديكرب العبدي .
كان عباس بن مرداس ينزل بالبادية بناحية البصرة . روى عنه ابنه كنانة بن عباس .