1484 - عبد الله بن جحش، ابن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي، أمه أميمة بنت عبد المطلب، وهو حليف لبني عبد شمس. وقيل: حليف لحرب بن أمية. أسلم - فيما ذكر الواقدي - قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان هو وأخوه أبو أحمد عبد بن جحش من المهاجرين الأولين ممن هاجر الهجرتين، وأخوهما عبيد الله بن جحش تنصر بأرض الحبشة، ومات بها نصرانيا، وبانت [ ص: 878 ] منه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وأختهم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأم حبيبة وحمنة، وسيأتي ذكر كل واحد منهم في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وكان عبد الله ممن هاجر إلى أرض الحبشة مع أخويه: أبي أحمد، وعبيد الله بن جحش، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، واستشهد يوم أحد، يعرف بالمجدع في الله، لأنه مثل به يوم أحد وقطع أنفه. روى مجاهد، عن زياد بن علاقة، عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم وقال: لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم، ولكنه أصبركم للجوع والعطش، فبعث عبد الله بن جحش.
وروى عاصم الأحول، عن الشعبي أنه قال: أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعبد الله بن جحش حليف لبني أمية.
وقال ابن إسحاق: بل لواء عبيدة بن الحارث. وقال المدائني: بل لواء حمزة.
وعبد الله بن جحش هذا هو أول من سن الخمس من الغنيمة للنبي صلى الله عليه وسلم من قبل أن يفرض الله الخمس، فأنزل الله تعالى بعد ذلك آية الخمس، وإنما كان قبل ذلك المرباع. قال الواقدي، عن أشياخه: كان في الجاهلية المرباع، فلما رجع عبد الله بن جحش من سريته خمس ما غنم، وقسم سائر الغنيمة، فكان أول من خمس في الإسلام، ثم أنزل الله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ... 8: 41 الآية.
وروى ابن وهب قال: أخبرني أبو صخر عن ابن قسيط ، عن إسحاق [ ص: 879 ] بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد:
ألا تأتي فندعوا الله، فجلسوا في ناحية، فدعا سعد، وقال: يا رب، إذا لقيت العدو غدا فلقني رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، أقاتله فيك، ويقاتلني، ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله، وآخذ سلبه، فأمن عبد الله بن جحش، ثم قال:
اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا بأسه، شديدا حرده، أقاتله فيك ويقاتلني فيقتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك قلت: يا عبد الله، فيم جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت.
قال سعد: كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرا من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار وإن أذنه وأنفه معلقان جميعا في خيط.
وذكر الزبير في الموفقيات أن عبد الله بن جحش انقطع سيفه يوم أحد، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجون نخلة، فصار في يده سيفا، يقال إن قائمته منه، وكان يسمى العرجون، ولم يزل يتناول حتى بيع من بغا التركي بمائتي دينار، ويقولون: إنه قتله يوم أحد أبو الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي، وهو يوم قتل ابن نيف وأربعين سنة.
قال الواقدي: دفن هو وحمزة في قبر واحد، وولي رسول الله صلى الله عليه وسلم تركته، فاشترى لابنه مالا بخيبر.
وذكر الزبير، قال: حدثنا علي بن صالح، عن الحسن بن زيد أنه قال: قاتل الله ابن هشام ما أجرأه على الله! دخلت عليه يوما مع أبي في هذه الدار - يعني دار مروان - وقد أمره هشام أن يفرض للناس، فدخل عليه ابن لعبد الله [ ص: 880 ] بن جحش المجدع أنفه في الله، فانتسب له، وسأله الفريضة فلم يجبه بشيء، ولو كان أحد يرفع إلى السماء كان ينبغي له أن يرفع بمكان أبيه، ثم دخل عليه ابن أبي بجراة وهم أهل بيت من كندة وقفوا بمكة، فقال ابن أبي بجراة: صاحبت عمك عمارة بن الوليد بن المغيرة في سفره. فقال له: لينفعنك ذلك اليوم، ففرض له ولأهل بيته.
وذكر الساجي في «كتاب أحكام القرآن» له، قال: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا أمية بن خالد، حدثنا جرير بن حازم، حدثنا سليمان الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، قال: استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر عبد الله بن جحش وأبا بكر وعمر. روى عن عبد الله بن جحش سعد بن أبي وقاص. وروى عنه سعيد بن المسيب، ولم يسمع منه.


