وفيه وفي صاحبيه: حسان، وكعب بن مالك نزلت : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا ... 26: 227 الآية وكانت غزوة مؤتة التي استشهد فيها عبد الله بن رواحة في جمادى من سنة ثمان بأرض الشام.
روى عنه من الصحابة ابن عباس، وأبو هريرة رضي الله عنهم، ذكر ابن وهب، عن يحيى بن سعيد، قال: كان عبد الله بن رواحة أول خارج إلى الغزو وآخر قافل.
وذكر ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، ومحمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، قال: لما تودع عبد الله بن رواحة في حين خروجه إلى مؤتة دعا له المسلمون ولمن معه أن يردهم الله سالمين، فقال ابن رواحة :
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حران مجهزة
بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقولوا إذا مروا على جدثي
يا أرشد الله من فاز وقد رشدا
أقسمت بالله لتنزلنه طائعة أو لتكرهنه
فطالما قد كنت مطمئنه جعفر ما أطيب ريح الجنه
أقسمت بالله لتنزلنه طائعة أو لتكرهنه
ما لي أراك تكرهين الجنه وقبل ذا ما كنت مطمئنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنه هل أنت إلا نطفة في شنه
يا نفس إن لم تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت
وأنت في الدنيا! فألقاه من يده، ثم أخذ بسيفه، فتقدم فقاتل حتى قتل رحمة الله تعالى عليه.
وروى هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سمعت أبي يقول: ما سمعت أحدا أجرأ ولا أسرع شعرا من عبد الله بن رواحة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له يوما: قل شعرا تقتضيه الساعة، وأنا أنظر إليك، فانبعث مكانه يقول:
إني تفرست فيك الخير أعرفه والله يعلم أن ما خانني البصر
أنت النبي ومن يحرم شفاعته يوم الحساب لقد أزرى به القدر
فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
إني تفرست فيك الخير نافلة فراسة خالفت فيك الذي نظروا
أنت النبي ومن يحرم نوافله والوجه منك فقد أزرى به القدر
وكانت قد رأت جماعه لها، فقالت له: إن كنت صادقا فاقرأ القرآن فالجنب لا يقرأ القرآن، فقال [ ص: 901 ] .
شهدت بأن وعد الله حق وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء حق وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة غلاظ ملائكة الإله مسومينا
وروينا من وجوه من حديث أبي الدرداء، قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحار الشديد حتى إن الرجل ليضع من شدة الحر يده على رأسه، وما في القوم صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة.


