أمه عاتكة بنت عبد الله بن عمرو بن وهب بن حذافة بن جمح، كان من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه بلسانه ونفسه، وكان من أشعر الناس وأبلغهم. يقولون: إنه أشعر قريش قاطبة [ ص: 902 ] .
قال محمد بن سلام: كان بمكة شعراء، فأبدعهم شعرا عبد الله بن الزبعرى.
قال كذلك يقول رواة الزبير: قريش، إنه كان أشعرهم في الجاهلية، وأما ما سقط إلينا من شعره، وشعر ضرار بن الخطاب ، فضرار عندي أشعر منه وأقل سقطا.
قال رحمه الله: كان يهاجي أبو عمر حسان بن ثابت، ثم أسلم وكعب بن مالك، عبد الله الزبعرى عام الفتح بعد أن هرب يوم الفتح إلى نجران، فرماه ببيت واحد، فما زاده عليه : حسان بن ثابت
لا تعدمن رجلا أحلك بغضه نجران في عيش أجد أثيم
فلما بلغ ذلك ابن الزبعرى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه، واعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل عذره، ثم شهد ما بعد الفتح من المشاهد.ومن قوله بعد إسلامه للنبي عليه السلام معتذرا :
يا رسول المليك، إن لساني راتق ما فتقت إذ أنا بور
إذ أجاري الشيطان في سنن الغي أنا في ذاك خاسر مثبور
يشهد السمع والفؤاد بما قلت ونفسي الشهيد وهي الخبير
إن ما جئتنا به حق صدق ساطع نوره مضيء منير
جئتنا باليقين والصدق والبر وفي الصدق واليقين السرور
أذهب الله ضلة الجهل عنا وأتانا الرخاء والميسور
والبور: الضال الهالك، وهو لفظ للواحد والجمع.
وقال أيضا:
سرت الهموم بمنزل السهم إذ كن بين الجلد والعظم
ندما على ما كان من زلل إذ كنت في فتن من الإثم
حيران يعمه في ضلالته مستوردا لشرائع الظلم
عمه يزينه بنو جمح وتوازرت فيه بنو سهم
فاليوم آمن بعد قسوته عظمي، وآمن بعده لحمي
لمحمد ولما يجيء به من سنة البرهان والحكم
منع الرقاد بلابل وهموم والليل معتلج الرواق بهيم
مما أتاني أن أحمد لامني فيه، فبت كأنني محموم
يا خير من حملت على أوصالها عيرانة سرح اليدين غشوم
إني لمعتذر إليك من التي أسديت إذ أنا في الضلال أهيم
أيام تأمرني بأغوى خطة سهم، وتأمرني بها مخزوم
وأمد أسباب الهوى ويقودني أمر الغواة وأمرهم مشئوم
فاليوم آمن بالنبي محمد قلبي ومخطئ هذه محروم
مضت العداوة وانقضت أسبابها وأتت أواصر بيننا وحلوم
فاغفر فدى لك والدي كلاهما وارحم فإنك راحم مرحوم
وعليك من سمة المليك علامة نور أغر وخاتم مختوم
أعطاك بعد محبة برهانه شرفا وبرهان الإله عظيم