1553 - عبد الله بن سعد بن أبي السرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري، يكنى أبا يحيى، كذا قال في نسبه ابن الكلبي حبيب بن جذيمة بالتخفيف . وقال محمد بن حبيب:
حبيب بالتشديد، وكذا قال أبو عبيدة.
أسلم قبل الفتح، وهاجر، وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد مشركا، وصار إلى قريش بمكة، فقال لهم: إني كنت أصرف محمدا حيث أريد، كان يملي علي: (عزيز حكيم) ، 2: 209 فأقول: أو عليم حكيم؟ فيقول: نعم، كل صواب. فلما كان يوم الفتح أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله، وقتل عبد الله بن خطل، ومقيس بن حبابة، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، عبد الله بن سعد بن أبي السرح إلى وكان أخاه من الرضاعة، أرضعت أمه عثمان، فغيبه عثمان، حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما اطمأن أهل مكة، فاستأمنه له، فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال: عثمان
نعم. فلما انصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله: ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه. وقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يا رسول الله؟ فقال: إن النبي لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين. عثمان ففر وأسلم عبد الله بن سعد بن أبي السرح أيام الفتح، فحسن إسلامه، فلم يظهر منه شيء ينكر عليه بعد ذلك، وهو أحد النجباء العقلاء الكرماء من قريش، ثم ولاه بعد ذلك عثمان مصر في سنة خمس وعشرين، وفتح على يديه إفريقية [ ص: 919 ] سنة سبع وعشرين، وكان فارس بني عامر بن لؤي المعدود فيهم، وكان صاحب ميمنة في افتتاحه وفي حروبه هناك كلها. وولي حرب عمرو بن العاص مصر لعثمان أيضا، فلما ولاه وعزل عنها عثمان، جعل عمرو بن العاص يطعن على عمرو بن العاص أيضا، ويؤلب عليه، ويسعى في إفساد أمره، فلما بلغه قتل عثمان وكان معتزلا عثمان بفلسطين قال: إني إذا نكأت قرحة أدميتها، أو نحو هذا.
حدثنا حدثنا خلف بن قاسم، الحسن بن رشيق، حدثنا الدولابي، حدثنا أبو بكر الوجيهي ، عن أبيه، عن صالح بن الوجيه، قال: في سنة خمس وعشرين انتقضت الإسكندرية، فافتتحها وقتل المقاتلة، وسبى الذرية، فأمر عمرو بن العاص، برد السبي الذين سبوا من القرى إلى مواضعهم للعهد الذي كان لهم، ولم يصح عنده نقضهم، وعزل عثمان وولى عمرو بن العاص، وكان ذلك بدء الشر بين عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عثمان وعمرو بن العاص.
وأما فافتتح عبد الله بن سعد بن أبي سرح إفريقية من مصر سنة سبع وعشرين، وغزا منها الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين، وهو [الذي] هادنهم الهدنة الباقية إلى اليوم، وغزا الصواري [في البحر] من أرض الروم سنة أربع وثلاثين، ثم قدم على واستخلف على عثمان. مصر السائب بن هشام بن عمرو العامري، فانتزى عليه محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، فخلع السائب، وتأمر على مصر، ورجع عبد الله بن سعد من وفادته، فمنعه ابن أبي حذيفة من دخول الفسطاط فمضى إلى عسقلان، فأقام بها حتى قتل [ ص: 920 ] رضي الله عنه، وقيل: بل أقام عثمان بالرملة حتى مات، فارا من الفتنة، ودعا ربه فقال: اللهم اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح، فتوضأ ثم صلى الصبح، فقرأ في الركعة الأولى بأم القرآن والعاديات، وفي الثانية بأم القرآن وسورة، ثم سلم عن يمينه، وذهب يسلم عن يساره، فقبض الله روحه، ذكر ذلك كله وغيره، ولم يبايع يزيد بن أبي حبيب لعلي ولا وكانت وفاته قبل اجتماع الناس على لمعاوية، وقيل: إنه توفي معاوية، بإفريقية، والصحيح أنه توفي بعسقلان سنة ست أو سبع وثلاثين.