إنه أسلم بعد الفتح، والصحيح أنه أسلم بعد المبعث.
حدثنا عبد الرحمن، حدثنا أحمد، حدثنا إسحاق، حدثنا محمد بن علي، حدثنا حدثنا موسى بن إسماعيل، سمعت جرير بن حازم، قال: سمعنا بالنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في مال لنا فخرجنا هرابا. قال: أبا رجاء العطاردي،
فمررت بقوائم ظبي فأخذتها وبللتها. قال: وطلبت في غرارة لنا، فوجدت كف شعير فدققته بين حجرين، ثم ألقيته في قدر، ثم ودجت بعيرا لنا فطبخته، فأكلت أطيب طعام أكلته في الجاهلية، قلت: يا ما طعم الدم. أبا رجاء،
قال: حلو.
أخبرنا أحمد بن قاسم، حدثنا محمد بن معاوية، حدثنا إبراهيم بن جميل، حدثنا حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نصر بن علي، حدثنا [ ص: 1210 ] حدثنا الأصمعي، قال قلت أبو عمرو بن العلاء، لأبي رجاء العطاردي: ما تذكر؟ قال:
قتل بسطام بن قيس. قال قتل الأصمعي: بسطام بن قيس قبل الإسلام بقليل.
قال: وأنشدني أبو رجاء العطاردي:
وخر على الألاءة لم يوسد كأن جبينه سيف صقيل
قال وهذا البيت من شعر أبو عمر: ابن غنمة في بسطام بن قيس. ومن شعره ذلك قوله فيه :
لك المرباع منها والصفايا وحكمك في النشيطة والفضول
إذا قاست بنو زيد بن عمرو ولا يوفي ببسطام قتيل
وخر على الألاءة لم يوسد كأن جبينه سيف صقيل
وقد قيل: إن قتل بسطام كان بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. يعد في كبار التابعين، روايته عن أبو رجاء عمر وعلي وابن عباس وسمرة رضي الله عنهم. وكان ثقة. روى عنه وجماعة. أخبرنا أيوب السختياني حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا أبو سلمة المنقري، أبو الحارث الكرماني، وكان ثقة، قال: سمعت يقول: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا شاب أمرد. قال: ولم أر ناسا كانوا أضل من العرب، وكانوا يجيئون بالشاة البيضاء فيعبدونها، فيجيء الذئب فيذهب بها، فيأخذون أخرى مكانها فيعبدونها، وإذا رأوا صخرة [ ص: 1211 ] حسنة جاءوا بها وذهبوا يصلون إليها. فإذا رأوا صخرة أحسن من تلك رموها، وجاءوا بتلك يعبدونها. أبا رجاء
وكان يقول: بعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى الإبل على أهلي وأريش وأبري، فلما سمعنا بخروجه لحقنا أبو رجاء بمسيلمة. وكان رجلا فيه غفلة، وكانت له عبادة، وعمر عمرا طويلا أزيد من مائة وعشرين سنة، مات سنة خمس ومائة في أول خلافة أبو رجاء هشام بن عبد الملك. ذكر عن الهيثم بن عدي، قال: اجتمع في جنازة أبي بكر بن عياش، أبي رجاء العطاردي الحسن البصري، والفرزدق الشاعر، فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد، يقولون الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس. فقال الحسن: أنت خيرهم وشر كثيرهم، لكن ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم انصرف فقال: الفرزدق،
ألم تر أن الناس مات كبيرهم وقد كان قبل البعث بعث محمد
ولم يغن عنه عيش سبعين حجة وستين لما بات غير موسد
إلى حفرة غبراء يكره وردها سوى أنها مثوى وضيع وسيد
ولو كان طول العمر يخلد واحدا ويدفع عنه عيب عمر عمرد
لكان الذي راحوا به يحملونه مقيما ولكن ليس حي بمخلد
نروح ونغدو والحتوف أمامنا يضعن لنا حتف الردى كل مرصد
وقد قال لي ماذا تعد لما ترى فقيه إذا ما قال غير مفند
[ ص: 1212 ] فقلت له: أعددت للبعث والذي أراد به أني شهيد بأحمد
وأن لا إله غير ربي هو الذي يميت ويحيي يوم بعث وموعد
وهذا الذي أعددت لا شيء غيره وإن قلت لي أكثر من الخير وازدد
فقال لقد أعصمت بالخير كله تمسك بهذا يا فرزدق ترشد