قد نسبنا أباه في بابه ، فأغنى ذلك عن الرفع في نسبه هاهنا، يكنى وقيل أبا الفضل أبا عبد الله. وقيل أبا عبد الملك. أمه فكيهة بنت عبيد بن دليم بن حارثة. قال كان الواقدي: من كرام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسخيائهم ودهاتهم. قال قيس بن سعد بن عبادة كان أحد الفضلاء الجلة، وأحد دهاة العرب وأهل الرأي والمكيدة في الحروب مع النجدة والبسالة والسخاء والكرم، وكان شريف قومه غير مدافع، هو وأبوه وجده. صحب أبو عمر: قيس بن سعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو وأبوه وأخوه سعيد بن سعد بن عبادة. وقال أنس بن مالك:
كان من النبي صلى الله عليه وسلم مكان صاحب الشرطة من الأمير، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يوم فتح قيس بن سعد بن عبادة مكة إذ نزعها من أبيه لشكوى قيس بن سعد يومئذ. وقد قيل:
إنه أعطاها الزبير. ثم صحب قيس بن سعد رضي الله عنه، [ ص: 1290 ] وشهد معه الجمل علي بن أبي طالب وصفين والنهروان هو وقومه، ولم يفارقه حتى قتل، وكان قد ولاه على مصر فضاق به وأعجزته فيه الحيلة، وكايد فيه معاوية ففطن عليا، رضي الله عنه بمكيدته فلم يزل به علي بن أبي طالب الأشعث وأهل الكوفة حتى عزل قيسا، وولى محمد بن أبي بكر، ففسدت عليه مصر. 50 وروى عن سفيان بن عيينة، عمرو بن دينار، قال: قال قيس بن سعد: لولا الإسلام لمكرت مكرا لا تطيقه العرب. ولما أجمع الحسن على مبايعة خرج عن عسكره، وغضب، وبدر منه فيه قول خشن أخرجه الغضب، فاجتمع إليه قومه، فأخذ لهم معاوية الحسن الأمان على حكمهم، والتزم لهم الوفاء بما اشترطوه، ثم لزم معاوية قيس المدينة، وأقبل على العبادة حتى مات بها سنة ستين رضي الله عنه، وقيل: سنة تسع وخمسين في آخر خلافة وكان رجلا طوالا سناطا . معاوية،
وروى عن ابن وهب، عمرو بن الحارث، قال: حدثني عن بكر بن سوادة، أبي حمزة، عن جابر، قال: فنحر لهم تسع ركائب، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا له ذلك من فعل قيس بن سعد بن عبادة، قيس بن سعد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الجود من شيمة أهل ذلك البيت. وهو القائل: اللهم ارزقني حمدا ومجدا.
فإنه لا حمد إلا بفعال، ولا مجد إلا بمال خرجنا في بعث كان عليهم . [ ص: 1291 ] .
حدثنا أحمد بن عبد الله، عن أبيه، عن عن عبد الله بن يونس، بقي، عن قال: حدثنا أبي بكر، عن أبو أسامة، عن أبيه، قال: كان هشام بن عروة، مع قيس بن سعد بن عبادة الحسن بن علي رضي الله عنهم على مقدمته، ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رءوسهم بعد ما مات رضي الله عنه، وتبايعوا على الموت. فلما دخل علي الحسن في بيعة أبى معاوية قيس أن يدخل، وقال لأصحابه: ما شئتم، إن شئتم جالدت بكم حتى يموت الأعجل منا، وإن شئتم أخذت لكم أمانا. فقالوا: خذ لنا أمانا، فأخذ لهم أن لهم كذا وكذا، وألا يعاقبوا بشيء، وأنه رجل منهم، ولم يأخذ لنفسه خاصة شيئا، فلما ارتحل نحو المدينة ومضى بأصحابه جعل ينحر لهم كل يوم جزورا حتى بلغ.
وروى عن عبد الله بن المبارك، قال: كتب جويرية، إلى معاوية مروان: أن اشتر دار منه، فأبى عليه، فكتب كثير بن الصلت إلى معاوية مروان: أن خذه بالمال الذي عليه، فإن جاء به، وإلا بع عليه داره.
فأرسل إليه مروان فأخبره، وقال: إني أؤجلك ثلاثا، فإن جئت بالمال، وإلا بعت عليك دارك. قال: فجمعها إلا ثلاثين ألفا، فقال: من لي بها؟ ثم ذكر فأتاه فطلبها منه فأقرضه، فجاء بها إلى قيس بن سعد بن عبادة مروان، فلما رآه أنه قد جاءه بها ردها إليه ورد عليه داره، فرد كثير الثلاثين ألفا على قيس، فأبى أن يقبلها قال فزعم لي ابن المبارك: عن سفيان بن عيينة، موسى بن أبي عيسى - أن رجلا استقرض من ثلاثين ألفا، فلما ردها عليه أبى أن يقبلها، وقال: إنا لا نعود في شيء أعطيناه. وهو القائل قيس بن [ ص: 1292 ] سعد بن عبادة بصفين:
هذا اللواء الذي كنا نحف به مع النبي وجبريل لنا مدد ما ضر من كانت الأنصار عيبته
ألا يكون له من غيرهم أحد قوم إذا حاربوا طالت أكفهم
بالمشرفية حتى يفتح البلد
وقصته مع العجوز التي شكت إليه أنه ليس في بيتها جرذ. فقال:
ما أحسن ما سألت! أما والله لأكثرن جرذان بيتك، فملأ بيتها طعاما وودكا وإداما - مشهورة صحيحة. وكذلك خبره أنه توفي أبوه عن حمل لم يعلم به، فلما ولد - وقد كان سعد رضي الله عنه قسم ماله في حين خروجه من المدينة بين أولاده، فكلم أبو بكر رضي الله عنهما في ذلك وعمر قيسا، وسألاه أن ينقض ما صنع سعد من تلك القسمة، فقال:
نصيبي للمولود، ولا أغير ما صنع أبي ولا أنقضه - خبر صحيح من رواية الثقات أيضا.
روى عنه جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين، وهو معدود في المدنيين.
ذكر أن الزبير بن بكار قيس بن سعد بن عبادة، وعبد الله بن الزبير، وشريحا القاضي، لم يكن في وجوههم شعرة ولا شيء من لحية. وذكر غير أن الأنصار كانت تقول: لوددنا أن نشتري الزبير لحية بأموالنا. وكان مع ذلك جميلا رضي الله عنه. [ ص: 1293 ] . لقيس بن سعد
قال خبره في السراويل عند أبو عمر: كذب وزور مختلق ليس له إسناد، ولا يشبه أخلاق معاوية قيس ولا مذهبه في ولا سيرته في نفسه، ونزاهته، وهي حكاية مفتعلة وشعر مزور، والله أعلم. معاوية،
ومن مشهور أخبار أنه كان له مال كثير ديونا على الناس، فمرض واستبطأ عواده، فقيل له: إنهم يستحيون من أجل دينك، فأمر مناديا ينادي: من كان قيس بن سعد بن عبادة عليه دين فهو له. فأتاه الناس حتى هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إليه - ذكر هذا الخبر صاحب كتاب «الموثق» وغيره. لقيس بن سعد