كان مسلما على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. معدود في كبار التابعين. قال هو الأصمعي: كعب بن سور بن بكر بن عبيد بن ثعلبة بن سليم بن ذهل بن لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدنان بن عبد الله بن هوازن بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، الأزدي، بعثه قاضيا على عمر بن الخطاب البصرة لخبر عجيب مشهور، جرى له معه في امرأة شكت زوجها إلى فقالت: إن زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، وأنا أكره أن أشكوه إليك، فهو يعمل بطاعة الله. فكأن عمر، لم يفهم عنها. عمر وكعب بن سور هذا جالس معه، فأخبره أنها تشكو أنها ليس لها من زوجها نصيب. فأمره أن يسمع منها، ويقضي بينهما، فقضى للمرأة بيوم من أربعة أيام أو ليلة من أربع ليال، فسأله عمر بن الخطاب عن ذلك، فنزع بأن الله عز وجل أحل له أربع نسوة لا زيادة، فلها الليلة من أربع ليال، هذا معنى الخبر اختصرت لفظه وجئت بمعناه. عمر
وأما ما حكاه في هذا الخبر، فذكر أن الشعبي كعب بن سور كان جالسا عند فجاءت امرأة فقالت: ما رأيت رجلا قط أفضل من زوجي، إنه ليبيت ليله قائما، ويظل نهاره صائما في اليوم الحار ما يفطر، فاستغفر لها عمر بن الخطاب، وأثنى عليها، وقال: مثلك أثنى بالخير وقاله [ ص: 1319 ] . عمر،
فاستحيت المرأة، وقامت راجعة، فقال كعب بن سور: يا أمير المؤمنين، هلا أعديت المرأة على زوجها إذ جاءتك تستعديك! فقال: أكذلك أرادت؟ قال: نعم. قال: ردوا علي المرأة. فردت. فقال لها: لا بأس بالحق أن تقوليه، إن هذا يزعم أنك جئت تشتكين أنه يجتنب فراشك.
قالت: أجل إني امرأة شابة، وإني أبتغي ما تبتغي النساء. فأرسل إلى زوجها، فجاء، فقال لكعب: اقض بينهما فقال: أمير المؤمنين أحق بأن يقضي بينهما. فقال: عزمت عليك لتقضين بينهما، فإنك فهمت من أمرهما ما لم أفهم. قال: فإني أرى أن لها يوما من أربعة أيام، كأن زوجها له أربع نسوة، فإذا لم يكن له غيرها فإني أقضي له بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن. ولها يوم وليلة. فقال والله ما رأيك الأول بأعجب من الآخر، اذهب فأنت قاض على أهل عمر: البصرة.
وروى عن وكيع، زكريا، عن قال: يقال: إنه كان على قضاء الشعبي، البصرة بعد كعب بن سور أبو زيد الأنصاري عمرو بن أخطب.
قال - رحمه الله: فأعجب أبو عمر ما قضى به بينهما، فبعثه قاضيا على عمر البصرة، وأمر عثمان أبا موسى أن يقضي كعب بن سور بين الناس، ثم ولى ابن عامر فاستقضى ابن سور فلم يزل قاضيا بالبصرة حتى كان يوم الجمل، فلما اجتمع الناس بالحربية ، واصطفوا للقتال خرج وبيده المصحف. فنشره وشهره رجال بين الصفين - يناشد الناس الله في دمائهم، فقتل على تلك الحال، أتاه سهم غرب فقتله. وقد قيل: إنه كان المصحف في عنقه وبيده عصا، ويليه ابن يريش وهو يأخذ الجمل، فأتاه سهم فقتله رحمة الله عليه.
أخبرنا قال: حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال [ ص: 1320 ] حدثنا قاسم بن أصبغ، مضر بن محمد، قال: حدثنا أبو تميم بن عثمان، قال حدثنا عن مخلد بن حسين، عن هشام بن حسان، قال: جاءت امرأة إلى محمد بن سيرين، فقالت: إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل. فقال: ما تريدين؟ أتريدين أن أنهاه عن صيام النهار وقيام الليل! قال: ثم رجعت إليه، فقالت: إن زوجي يصوم النهار ويقول الليل. قال: أفتريدين أن أنهاه عن صيام النهار وقيام الليل؟ ثم جاءته الثالثة، فقالت: إن زوجي يصوم النهار ويقول الليل! قال: أفتريدين أن أنهاه عن صيام النهار وقيام الليل؟ قال: عمر بن الخطاب
وكان عنده كعب بن سور، فقال كعب: إنها امرأة تشتكي زوجها.
فقال أما إذا فطنت لها فاحكم بينهما. قال فقام عمر: كعب وجاءت بزوجها فقالت :
يا أيها القاضي الفقيه أرشده ألهى خليلي عن فراشي مسجده زهده في مضجعي وتعبده
نهاره وليله ما يرقده ولست في أمر النساء أحمده
فامض القضايا كعب لا تردده
فقال الزوج:
إني امرؤ قد شفني ما قد نزل في سورة النور وفي السبع الطول
وفي الحواميم الشفاء وفي النحل فردها عني وعن سوء الجدل
فقال كعب:
إن السعيد بالقضاء من فصل ومن قضى بالحق حقا وعدل
[ ص: 1321 ] إن لها حقا عليك يا بعل من أربع واحدة لمن عقل
أمض لها ذاك ودع عنك العلل
ثم قال له: أيها الرجل إن لك أن تزوج من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلك ثلاثة أيام، ولامرأتك هذه من أربعة أيام يوم. ومن أربع ليال ليلة، فلا تصل في ليلتها إلا الفريضة، فبعثه قاضيا على عمر البصرة.