الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2205 - كعب بن مالك بن أبي كعب.

                                                              واسم أبي كعب عمرو بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعيد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج الأنصاري السلمي. يكنى أبا عبد الله. وقيل: أبا عبد الرحمن،
                                                              أمه ليلى بنت زيد بن ثعلبة، من بني سلمة أيضا. شهد العقبة الثانية، واختلف في شهوده بدرا، ولما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة آخى بين كعب وبين طلحة بن عبيد الله حين آخى بين المهاجرين والأنصار. كان أحد شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يردون [ ص: 1324 ] الأذى عنه، وكان مجودا مطبوعا، قد غلب عليه في الجاهلية أمر الشعر، وعرف به، ثم أسلم وشهد العقبة، ولم يشهد بدرا، وشهد أحدا والمشاهد كلها حاشا تبوك، فإنه تخلف عنها. وقد قيل: إنه شهد بدرا، فالله تعالى أعلم. وهو أحد الثلاثة الأنصار الذين قال الله فيهم : وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض . . . الآية، وهم: كعب بن مالك الشاعر هذا، وهلال بن أمية، ومرارة بن ربيعة، تخلفوا عن غزوة تبوك، فتاب الله عليهم، وعذرهم، وغفر لهم، ونزل القرآن المتلو في شأنهم. وكان كعب بن مالك يوم أحد لبس لأمة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت صفراء، ولبس النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، فجرح كعب بن مالك أحد عشر جرحا.

                                                              وتوفي كعب بن مالك في زمن معاوية، سنة خمسين. وقيل سنة ثلاث وخمسين، وهو ابن سبع وسبعين، وكان قد عمي وذهب بصره في آخر عمره. يعد في المدنيين. روى عنه جماعة من التابعين.

                                                              أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن أصبغ، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا الرياشي، قال: حدثنا عبيد بن عقيل، قال. حدثنا جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، قال. كان شعراء المسلمين: حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، فكان كعب يخوفهم الحرب، وعبد الله يعيرهم بالكفر، وكان حسان يقبل على الأنساب. قال ابن سيرين: فبلغني أن دوسا إنما أسلمت فرقا من قول كعب بن مالك:


                                                              قضينا من تهامة كل وتر وخيبر ثم أغمدنا السيوفا [ ص: 1325 ]     نخبرها ولو نطقت لقالت
                                                              قواطعهن دوسا أو ثقيفا

                                                              وفي رواية ابن إسحاق:


                                                              قضينا من تهامة كل ريب     وخيبر ثم أجمعنا السيوفا



                                                              فقالت دوس: انطلقوا فخذوا لأنفسكم لا ينزل بكم ما نزل بثقيف.

                                                              وقال ابن سيرين: وأما شعراء المشركين فعمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان بن الحارث. قال الزبيري: وضرار بن الخطاب.

                                                              أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن الفضل، حدثنا محمد بن جرير، حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد، قال: حدثني أبي، حدثني الأوزاعي، قال:

                                                              حدثني يونس بن يزيد الأيلي ، عن الزهري، قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك - أن كعب بن مالك قال: يا رسول الله، ماذا ترى في الشعر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، قال أبو عمر: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكعب بن مالك: أترى الله عز وجل شكر لك قولك:


                                                              زعمت سخينة أن ستغلب ربها     فليغلبن مغالب الغلاب

                                                              هذه رواية محمد بن سلام. وفي رواية ابن هشام قال: لما قال كعب بن مالك:

                                                              جاءت سخينة كي تغالب ربها     فليغلبن مغالب الغلاب



                                                              قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد شكرك الله يا كعب على قولك هذا
                                                              [ ص: 1326 ] .

                                                              وله أشعار حسان جدا في المغازي وغيرها.

                                                              وروى ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: بلغني أن كعب بن مالك قال - يوم الدار: يا معشر الأنصار، انصروا الله مرتين. وقال أبو صالح السمان: قال ذلك زيد بن ثابت.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية