الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2422 - معاذ بن عمرو بن الجموح بن يزيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج السلمي الخزرجي الأنصاري .

                                                              شهد العقبة، وبدرا هو وأبوه عمرو بن الجموح، وقتل عمرو بن الجموح يوم أحد. وأما معاذ بن عمرو بن الجموح فذكر ابن هشام عن زياد عن ابن إسحاق أنه هو الذي قطع رجل أبي جهل بن هشام، وصرعه، قال: فضرب ابنه عكرمة بن أبي جهل يد معاذ، فطرحها، ثم ضربه معوذ ابن عفراء حتى أثبته، ثم تركه وبه رمق، ثم ذفف عليه عبد الله بن مسعود، واحتز رأسه حين أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس أبا جهل في القتلى.

                                                              قال ابن إسحاق: حدثني ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس - وعبد الله بن أبي بكر قد حدثني بذلك أيضا - قالا: قال معاذ بن عمرو بن الجموح أحد بني سلمة: سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة - قال ابن هشام:

                                                              الحرجة: الشجر الملتف - وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه، فلما سمعتها جعلته من شأني، فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطير من تحت مرضخة النوى. قال: وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح بيدي فتعلقت بجلدة من جنبي، وأجهضني القتال عنه، فلقد قاتلت عامة نهاري، وإني لأسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها حتى طرحتها. قال ابن إسحاق: ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمان عثمان. ثم قال: مر بأبي جهل وهو عقير معوذ ابن عفراء، فضربه حتى أثبته - فتركه وبه رمق، وقاتل [ ص: 1411 ] معوذ ابن عفراء حتى قتل يومئذ، ومر عبد الله بن مسعود بأبي جهل فأجهز عليه، وأخذ رأسه.
                                                              هكذا ذكر ابن إسحاق هذا الخبر في السيرة من رواية ابن هشام، عن زياد البكائي، عن معاذ بن عمرو بن الجموح، وذكره ابن إدريس عن ابن إسحاق لمعاذ ابن عفراء .

                                                              وقد ذكر ابن سنجر، عن موسى بن إسماعيل، عن يوسف بن يعقوب الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده، قال: بينما أنا واقف في الصف يوم بدر فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، فتمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما، فقال: يا عم، أتعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أنبئت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لو رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يقتل الأعجل منا. قال: فعجبت وغمزني الآخر فقال مثلها، فلم ألبث أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، فقلت:

                                                              ألا تريان؟ هذا صاحبكم الذي تسألان عنه، فابتدراه بأسيافهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال: أيكم قتله؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: كلاكما قتله، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح والآخر معاذ ابن عفراء.
                                                               
                                                              مات معاذ بن الجموح في خلافة عثمان .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية