الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2514 - المثنى بن حارثة الشيباني.

                                                              كان إسلامه وقدومه في وفد قومه على النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع. وقد قيل: سنة عشر، وبعثه أبو بكر سنة إحدى عشرة في صدر خلافته إلى العراق قبل مسير خالد بن الوليد إليها، وكان المثنى شجاعا شهما بطلا، ميمون النقيبة، حسن الرأي والإمارة، أبلى في حروب العراق بلاء لم يبلغه أحد، وكتب عمر بن الخطاب في سنة ثلاث عشرة حين ولي الخلافة، وبعث أبا عبيد بن مسعود في ألف من المسلمين إلى العراق، وكتب إلى المثنى بن حارثة أن يتلقى أبا عبيد بن مسعود، فاستقبله المثنى في ثلاثمائة من بكر بن وائل ومائتين من طيئ وأربعمائة من بني ذبيان وبني أسد، وذلك في سنة ثلاث من ملك يزدجرد، فالتقوا مع الفرس، واستشهد أبو عبيد، برك عليه الفيل، وسلم المثنى بن حارثة . قال ابن السراج: سمعت عبد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر بن عدي الهاشمي يقول: قتل المثنى ابن حارثة الشيباني سنة أربع عشرة قبل القادسية، فلما حلت زوجته سلمى بنت جعفر بن ثقيف تزوجها سعد بن أبي وقاص ومن حديث الأصمعي - [ ص: 1457 ] عن سلمة بن بلال، عن أبي رجاء العطاردي، قال: كتب أبو بكر الصديق إلى المثنى بن حارثة: إني قد وليت خالد بن الوليد فكن معه، وكان المثنى بسواد الكوفة فخرج إلى خالد فتلقاه بالنباج ، وقدم معه البصرة، وذكر قصة طويلة. وذكر عمر بن شبة - عن شيوخه من أهل الأخبار - أن المثنى بن حارثة كان يغير على أهل فارس بالسواد، فبلغ أبا بكر والمسلمين خبره، فقال عمر: من هذا الذي تأتينا وقائعه قبل معرفة نسبه؟ فقال له قيس بن عاصم: أما إنه غير خامل الذكر، ولا مجهول النسب، ولا قليل العدد، ولا ذليل الغارة ، ذلك المثنى بن حارثة الشيباني. ثم إن المثنى قدم على أبي بكر فقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابعثني على قومي، فإن فيهم إسلاما، أقاتل بهم أهل فارس، وأكفيك أهل ناحيتي من العدو، ففعل ذلك أبو بكر، فقدم المثنى العراق، فقاتل وأغار على أهل فارس ونواحي السواد حولا مجرما، ثم بعث أخاه مسعود بن حارثة إلى أبي بكر يسأله المدد، ويقول له: إن أمددتني وسمعت بذلك العرب أسرعوا إلي، وأذل الله المشركين، مع أني أخبرك يا خليفة رسول الله أن الأعاجم تخافنا وتتقينا. فقال له عمر:

                                                              يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابعث خالد بن الوليد مددا للمثنى ابن حارثة يكون قريبا من أهل الشام، فإن استغنى عنه أهل الشام ألح على أهل العراق حتى يفتح الله عليه، فهذا الذي هاج أبا بكر على أن يبعث خالد بن الوليد إلى العراق .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية