الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2520 - المجذر بن ذياد.

                                                              ويقال ذياد، والكسر أكثر - ابن عمرو بن زمزمة بن عمرو بن عمارة - وعمارة بالفتح والتشديد في بلي - البلوي حليف للأنصار. وقيل له المجذر لأنه كان غليظ الخلق، والمجذر الغليظ، واسمه عبد الله ابن ذياد، وهو الذي قتل سويد بن الصامت في الجاهلية فهيج قتله وقعة بعاث، ثم أسلم المجذر، وشهد بدرا، وهو الذي قتل أبا البختري العاص بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي يوم بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال يوم بدر: من لقي أبا البختري فلا يقتله.  وقال مثل ذلك [ ص: 1460 ] للعباس، وإنما قال ذلك في أبي البختري فيما ذكروا لأنه لم يبلغه عنه شيء يكرهه، وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم وبني المطلب، فلقيه المجذر بن ذياد فقال له: يا أبا البختري، قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلك ومع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة وهو جبارة بن مليحة - رجل من بني ليث، قال: وزميلي؟ فقال المجذر: لا والله، ما نحن بتاركي زميلك ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بك وحدك.

                                                              قال: فقال أبو البختري: لا والله إذا لأموتن أنا وهو جميعا، لا يتحدث عني قريش بمكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة. فقال له المجذر: إن لم تسلمه قاتلتك، فأبى إلا القتال، فلما نازله جعل أبو البختري يرتجز:


                                                              لن يسلم ابن حرة زميله ولا يفارق جزعا أكيله


                                                              حتى يموت أو يرى سبيله

                                                              وارتجز المجذر:


                                                              أنا المجذر وأصلي من بلي     أطعن بالحربة حتى تنثني


                                                              ولا يرى مجذرا يفري الفري

                                                              فاقتتلا، فقتله المجذر، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والذي بعثك بالحق، لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا القتال، فقاتلته فقتلته، وقتل المجذر بن ذياد يوم أحد شهيدا،  قتله الحارث بن سويد بن الصامت، ثم لحق بمكة كافرا، ثم أتى مسلما بعد الفتح، فقتله النبي صلى الله عليه وسلم بالمجذر، وكان الحارث بن سويد يطلب غرة المجذر ليقتله بأبيه، فشهدا جميعا [ ص: 1461 ] أحدا ، فلما كان من جولة الناس ما كان أتاه الحارث بن سويد من خلفه، فضرب عنقه، وقتله غيلة، فأتى جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بقتل المجدر غيلة، وأمره أن يقتله به، وذلك بعد قدومه المدينة من مكة. وقد ذكر ابن إسحاق خبره على نحو هذا المعنى بخلاف شيء منه. وقيل: اسم المجذر عبد الله بن ذياد، وسنذكره في العبادلة إن شاء الله تعالى.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية