اسمه خويلد بن مرة القردي. من بني قرد ابن عمرو بن معاوية بن تميم بن سعد بن هذيل. مات في زمن من نهش حية، وله في ذلك خبر عجيب، وكان ممن يعدو على قدميه فيسبق الخيل. وقد حدث عنه عمر بن الخطاب عمران بن عبد الرحمن بن فضالة بن عبيد، وكان في الجاهلية من فتاك العرب، ثم أسلم فحسن إسلامه، وهو القائل :
رموني وقالوا يا خويلد لا ترع فقلت - وأنكرت، الوجوه: هم هم
وكان جميل بن معمر الجمحي قد قتل أخاه زهيرا المعروف بالعجوة يوم فتح مكة مسلما، وقيل: بل كان زهير ابن عمه.وذكر ابن هشام، قال. حدثني أبو عبيدة، قال: أسر زهير العجوة الهذلي يوم حنين وكتف، فرآه فقال: أنت الماشي لنا بالمعايب، فضرب عنقه، فقال جميل بن معمر، أبو خراش يرثيه - وكان ابن عمه - كذا قال أبو عبيدة، فالأول قول محمد بن يزيد. قال: وكان يومئذ كافرا ثم أسلم بعد، وكان أتاه من ورائه، وهو موثق فضربه. وقد قيل: إنه قتله يوم جميل بن معمر حنين مأسورا وجميل يومئذ مسلم، ففي ذلك يقول أبو خراش:
فجع أضيافي جميل بن معمر بذي مفخر تأوي إليه الأرامل
طويل نجاد السيف ليس بجيدر إذا اهتز واسترخت عليه الحمائل
إلى بيته يأوي الغريب إذا شتا ومهتلك بالي الدريسين عائل
تكاد يداه تسلمان رداءه من الجود لما استقبلته الشمائل
فأقسم لو لاقيته غير موثق لآبك بالجزع الضباع النواهل
وإنك لو واجهته ولقيته فنازلته أو كنت ممن ينازل
لكنت جميلا أسوأ الناس صرعة ولكن أقران الظهور مقاتل
فليس كعهد الدار يا أم مالك ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل سوى الحق شيئا فاستراح العواذل
وقال محمد بن يزيد: مما يستحسن لأبي خراش الهذلي، وهو أحد حكماء العرب - قوله يذكر أخاه عروة :
تقول أراه بعد عروة لاهيا وذلك رزء ما علمت جليل
فلا تحسبي أني تناسيت عهده ولكن صبري يا أميم جميل
ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا خليلا صفاء: مالك وعقيل
أبى الصبر أني لا يزال يهيجني مبيت لنا فيما مضى ومقيل
وأني إذا ما الصبح آنست ضوءه يعاودني قطع علي ثقيل
وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا خراش وبعض الشر أهون من بعض
على أنها تدمى الكلوم وإنما نوكل بالأدنى وإن جل ما يمضي
فو الله لا أنسى قتيلا رزئته بجانب قوسي ما مشيت على الأرض
ولم أدر من ألقى عليه رداءه على أنه قد سل عن ماجد محض
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف، قال: حدثنا يحيى بن مالك، قال: قال ما قالت العرب بيتا أجود من قول خالد بن صفوان: أبي خراش:
على أنها تدمى الكلوم وإنما نوكل بالأدنى وإن جل ما يمضي
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، قال: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا ابن أخي عن عمه، قال: أسلم الأصمعي، أبو خراش وحسن إسلامه، ثم أتاه نفر من أهل اليمن قدموا حجاجا، والماء منهم غير بعيد، فقال: يا بني عمي، ما أمسى عندنا ماء، ولكن هذه برمة وشاة فردوا الماء، وكلوا شاتكم، ثم دعوا برمتنا وقربتنا على الماء حتى نأخذها، فقالوا: لا والله، ما نحن سائرين في ليلتنا هذه، وما نحن ببارحين حيث أمسينا. فلما رأى ذلك أبو خراش أخذ قربة وسعى نحو الماء تحت الليل حتى استقى، ثم أقبل صادرا فنهشته حية قبل أن يصل إليهم، فأقبل مسرعا حتى أعطاهم الماء، وقال: اطبخوا شاتكم، وكلوا، ولم يعلمهم ما أصابه، فباتوا على شاتهم يأكلون حتى أصبحوا، وأصبح أبو خراش وهو في الموتى، فلم يبرحوا حتى دفنوه. وقال - وهو يموت في شعر له :
لقد أهلكت حية بطن واد على الإخوان ساقا ذات فضل
فما تركت عدوا بين بصرى إلى صنعاء يطلبه بذحل