2942 - أبو ذؤيب الهذلي الشاعر.
كان مسلما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يره ولا خلاف أنه جاهلي إسلامي قيل: اسمه خويلد بن خالد ابن محرث بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد ابن هذيل. وقال هو ابن الكلبي: خويلد بن محرث، من بني مازن بن سويد ابن تميم بن سعد بن هذيل.
ذكر قال: حدثني محمد بن إسحاق بن يسار، أبو الآكام الهذلي، عن الهرماس بن صعصعة الهذلي، عن أبيه - أن أبا ذؤيب الشاعر حدثه قال [ ص: 1649 ] .
بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليل، فاستشعرت حزنا وبت بأطول ليلة لا ينجاب ديجورها ، ولا يطلع نورها، فظللت أقاسي طولها حتى إذا كان قرب السحر أغفيت، فهتف بي هاتف، وهو يقول:
خطب أجل أناخ بالإسلام بين النخيل ومعقد الآطام قبض النبي محمد فعيوننا
تذري الدموع عليه بالتسجام
قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا، فأتيت بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصبت بابه مرتجا، وقيل: هو مسجى، وقد خلا به أهله. فقلت: أين الناس؟ فقيل: في سقيفة بني ساعدة، صاروا إلى الأنصار. فجئت إلى السقيفة فأصبت أبا بكر، وعمر، وأبا عبيدة بن الجراح، وسالما، وجماعة من قريش، ورأيت الأنصار فيهم: سعد بن عبادة بن دليم، [ ص: 1650 ] وفيهم شعراء، وهم حسان بن ثابت، وملأ منهم، فآويت إلى وكعب بن مالك، قريش. وتكلمت الأنصار فأطالوا الخطاب، وأكثروا الصواب، وتكلم فلله دره من رجل لا يطيل الكلام، ويعلم مواضع فصل الخصام، والله لقد تكلم بكلام لا يسمعه سامع إلا انقاد له ومال إليه. ثم تكلم أبو بكر بعده بدون كلامه، ومد يده فبايعه وبايعوه ورجع عمر ورجعت معه. قال أبو بكر أبو ذؤيب:
فشهدت الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، وشهدت دفنه صلى الله عليه وسلم، ثم أنشد أبو ذؤيب يبكي النبي صلى الله عليه وسلم :
لما رأيت الناس في عسلاتهم ما بين ملحود له ومضرح
متبادرين لشرجع بأكفهم نص الرقاب لفقد أبيض أروح
فهناك صرت إلى الهموم ومن يبت جار الهموم يبيت غير مروح
كسفت لمصرعه النجوم وبدرها وتزعزعت آطام بطن الأبطح
وتزعزعت أجبال يثرب كلها ونخيلها لحلول خطب مفدح
ولقد زجرت الطير قبل وفاته بمصابه وزجرت سعد الأذبح
وزجرت أن نعب المشحج سانحا متفائلا فيه بفأل الأقبح
وقيل: إن أبا ذؤيب مات غازيا بأرض الروم، ودفن هناك، وإنه لا يعلم لأحد من المسلمين قبر وراء قبره وكان قد ندبه إلى الجهاد، فلم يزل مجاهدا حتى [ ص: 1651 ] مات بأرض عمر الروم، قدس الله روحه. ودفنه هناك ابنه أبو عبيد، وعند موته قال له:
أبا عبيد رفع الكتاب واقترب الموعد والحساب
قال محمد بن سلام: وأقول إن أشعر هذيل أبو ذؤيب. وقال تقدم عمر بن شبة: أبو ذؤيب على جميع شعراء هذيل بقصيدته العينية التي يرثي فيها بنيه وقال أبرع بيت قالته العرب بيت الأصمعي: أبي ذؤيب :
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا ترد إلى قليل تقنع
أمن المنون وريبها تتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع
قالت أمامة : ما لجسمك شاحبا منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع
أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا إلا أقض عليك ذاك المضجع
فأجبتها أن ما بجسمي أنه أودى بني من البلاد فودعوا
أودى بني فأعقبوني حسرة بعد الرقاد وعبرة لا تقلع
فالعين بعدهم كأن حداقها كحلت بشوك فهي عورى تدمع
سبقوا هواي وأعنقوا لهواهم فتخرموا، ولكل جنب مصرع
فغبرت بعدهم بعيش ناصب وإخال أني لاحق مستتبع
ولقد حرصت بأن أدافع عنهم فإذا المنية أقبلت لا تدفع
وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع
وتجلدي للشامتين أريهم أني لريب الدهر لا أتضعضع
حتى كأني للحوادث مروة بصفا المشقر كل يوم تقرع
والدهر لا يبقى على حدثانه جون السحاب له جدائد أربع