الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3054 - أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني.

                                                              وقيل عمرو بن واثلة، قاله معمر، والأول أكثر وأشهر. وهو عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش بن جري ابن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن علي بن كنانة الليثي المكي، ولد عام أحد وأدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين. نزل الكوفة وصحب عليا في مشاهده كلها، فلما قتل علي رضي الله عنه انصرف إلى مكة فأقام بها حتى مات سنة مائة. ويقال: إنه أقام بالكوفة ومات بها، والأول أصح والله أعلم.

                                                              ويقال: إنه آخر من مات ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                              وروى حماد بن زيد، عن سعيد الجريري، عن أبي الطفيل، قال: ما على وجه الأرض رجل اليوم رأى النبي صلى الله عليه وسلم غيري. حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن الجريري، قال: حدثني أبو الطفيل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبق على وجه الأرض أحد رآه غيري.

                                                              وأخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن عثمان، حدثنا إسماعيل بن إسحاق [ ص: 1697 ] القاضي، حدثنا علي بن المديني، عن سليم بن أخضر، عن الجريري - سمعه يقول:

                                                              كنت أطوف بالبيت مع أبي الطفيل فيحدثني وأحدثه، فقال لي: ما بقي على وجه الأرض عين تطوف ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم غيري. قال علي: آخر من بقي ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي، ويقال الكناني. قال علي: ومات بمكة رضي الله عنه قال أبو عمر: كان أبو الطفيل شاعرا محسنا وهو القائل:


                                                              أيدعونني شيخا وقد عشت حقبة وهن من الأزواج نحوي نوازع     وما شاب رأسي من سنين تتابعت
                                                              علي، ولكن شيبتني الوقائع

                                                              وقد ذكره ابن أبي خيثمة في شعراء الصحابة، وكان فاضلا عاقلا، حاضر الجواب فصيحا، وكان متشيعا في علي ويفضله، ويثني على الشيخين أبي بكر وعمر، ويترحم على عثمان. قدم أبو الطفيل يوما على معاوية فقال له: كيف وجدك على خليلك أبي الحسن؟ قال: كوجد أم موسى على موسى، وأشكو إلى الله التقصير وقال له معاوية : كنت فيمن حصر عثمان ؟ قال: لا، ولكني كنت فيمن حضر. قال: فما منعك من نصره؟ قال: وأنت فما منعك من نصره إذ تربصت به ريب المنون، وكنت مع أهل الشام وكلهم تابع لك فيما تريد؟ فقال له معاوية: أو ما ترى طلبي لدمه نصرة له؟ قال: بلى، ولكنك كما قال أخو جعفي:


                                                              لا ألفينك بعد الموت تندبني     وفي حياتي ما زودتني زادا



                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية