3061 - أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي ،  صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنته  زينب  أكبر بناته . كان يعرف بجرو البطحاء ،  هو وأخوه يقال لهما : جروا البطحاء . 
وقيل : بل كان ذلك أبوه وعمه . اختلف في اسمه ، فقيل لقيط .  وقيل مهشم .  
وقيل هشيم  ، والأكثر لقيط  وأمه هالة بنت خويلد بن أسد  أخت  خديجة  لأبيها وأمها وكان أبو العاص بن الربيع  ممن شهد بدرا مع كفار قريش ،  وأسره عبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري ،  فلما بعث أهل مكة  في فداء أسراهم قدم في فدائه أخوه  عمرو بن الربيع  بمال دفعته إليه  زينب  بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من ذلك قلادة لها كانت  خديجة  أمها قد أدخلتها بها على أبي العاص  حين بنى عليها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا الذي لها فافعلوا .  فقالوا : نعم . وكان أبو العاص ابن الربيع  مواخيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مصافيا ، وكان قد أبى أن يطلق  [ ص: 1702 ]  زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم  إذ مشى إليه مشركو قريش  في ذلك ، فشكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم مصاهرته ، وأثنى عليه بذلك خيرا ، وهاجرت  زينب  مسلمة رضي الله عنها وتركته على شركه ، فلم يزل كذلك مقيما على الشرك حتى كان قبل الفتح ، فخرج بتجارة إلى الشام ، ومعه أموال من أموال قريش ،  فلما انصرف قافلا لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم أميرهم  زيد بن حارثة  رضي الله عنه . وكان أبو العاص  في جماعة عير ، وكان زيد  في نحو سبعين ومائة راكب ، فأخذوا ما في تلك العير من الأثقال ، وأسروا ناسا منهم ، وأفلتهم أبو العاص  هربا . 
وقيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث زيدا  في تلك السرية قاصدا للعير التي كان فيها أبو العاص ،  فلما قدمت السرية بما أصابوا أقبل أبو العاص  في الليل حتى دخل على  زينب  رضي الله عنها ، فاستجار بها فأجارته . فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح ، وكبر وكبر الناس معه ، صرخت  زينب  رضي الله عنها : أيها الناس ، إني قد أجرت  أبا العاص بن الربيع  فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس ، فقال : هل سمعتم ما سمعت؟ فقالوا : نعم . قال : أما والذي نفسي بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعت منه ما سمعتم ، إنه يجير على المسلمين أدناهم  ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل على ابنته ، فقال : أي بنية ، أكرمي مثواه ، ولا يخلصن إليك ، فإنك لا تحلين له . فقالت : إنه جاء في طلب ماله . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعث في تلك السرية ، فاجتمعوا إليه ، فقال لهم : إن هذا الرجل منا بحيث علمتم ، وقد أصبتم له مالا ، وهو مما أفاءه الله عز وجل عليكم ، وأنا أحب أن تحسنوا وتردوا إليه ماله الذي له ، وإن أبيتم فأنتم أحق به . قالوا  [ ص: 1703 ]  . 
يا رسول الله ، بل نرده عليه . فردوا عليه ماله ما فقد منه شيئا ، فاحتمل إلى مكة ،  فأدى إلى كل ذي مال من قريش  ماله الذي كان أبضع معه ، ثم قال : يا معشر قريش ،  هل لأحد منكم مال لم يأخذه؟ قالوا : جزاك الله خيرا ، فقد وجدناك وفيا كريما . قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا  عبده ورسوله ، والله ما منعني من الإسلام إلا تخوف أن تظنوا أني آكل أموالكم ، فلما أداها الله عز وجل إليكم أسلمت . ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما ، وحسن إسلامه ، ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته عليه . 
هذا كله خبر  ابن إسحاق ،  ومنه شيء عن غيره . 
وذكر  موسى بن عقبة  خبر أبي العاص بن الربيع  وأخذ أبي بصير  وأبي جندل  له في حين مكثهم بالساحل يقطعون على عير قريش ،  وفي ذلك الخبر ما يخالف بعض ما ذكر  ابن إسحاق ،  وقد أشرنا إلى خبر  موسى بن عقبة  في باب أبي بصير .  
قال  ابن إسحاق :  حدثني  داود بن الحصين ،  عن  عكرمة ،  عن  ابن عباس ،  قال : رد رسول الله صلى الله عليه وسلم  زينب  على النكاح الأول ، ولم يحدث شيئا بعد ست سنين .  
قال  أبو عمر :  قد روي من حديث  عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها عليه بنكاح جديد . وهو قول  الشعبي  وطائفة من أهل السير ، وقد أوضحنا معنى ذلك في كتاب «التمهيد» ، والحمد لله تعالى  [ ص: 1704 ]  . 
قال  إبراهيم بن المنذر :  وتوفي أبو العاص بن الربيع ،  ويسمى جرو البطحاء ،  في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة .  
				
						
						
