يقولون طلقها وخيم مكانها مقيما تمني النفس أحلام نائم وإن فراقي أهل بيت جميعهم
على كثرة مني لإحدى العظائم أراني وأهلي كالعجول تروحت
إلى بوها قبل العشار الروائم
[أعاتك لا أنساك ما ذر شارق وما ناح قمري الحمام المطوق
أعاتك قلبي كل يوم وليلة إليك بما تخفي النفوس معلق ]
ولم أر مثلي طلق اليوم مثلها ولا مثلها في غير جرم تطلق
لها خلق جزل ورأي ومنصب وخلق سوي في الحياء ومصدق
[فقال حين ارتجعها :
أعاتك قد طلقت في غير ريبة وروجعت للأمر الذي هو كائن
كذلك أمر الله غاد ورائح على الناس فيه ألفة وتباين
وما زال قلبي للتفرق طائرا وقلبي لما قد قرب الله ساكن
ليهنك أني لا أرى فيه سخطة وأنك قد تمت عليك المحاسن
وأنك ممن زين الله وجهه وليس لوجه زانه الله شائن ]
رزئت بخير الناس بعد نبيهم وبعد وما كان قصرا أبي بكر
فآليت لا تنفك عيني حزينة عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
فله عينا من رأى مثله فتى أكر وأحمى في الهياج وأصبرا
إذا شرعت فيه الأسنة خاضها إلى الموت حتى يترك الرمح أحمرا
فآليت لا تنفك عيني حزينة عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
ثم قتل عنها فقالت تبكيه : عمر ،
عين جودي بعبرة ونحيب لا تملي على الإمام النجيب
فجعتني المنون بالفارس المعلم يوم الهياج والتثويب
قل لأهل الضراء والبؤس موتوا ظقد سقته المنون كأس شعوب
منع الرقاد فعاد عيني عائد مما تضمن قلبي المعمود [ ص: 1879 ]
قد كان يسهرني حذارك مرة فاليوم حق لعيني التسهيد
أبكي أمير المؤمنين ودونه للزائرين صفائح وصعيد ]
غدر ابن جرموز بفارس بهمة يوم اللقاء وكان غير معرد
يا عمرو لو نبهته لوجدته لا طائشا رعش الجنان ولا اليد
كم غمرة قد خاضها لم يثنه عنها طرادك يا بن فقع القردد
ثكلتك أمك إن ظفرت بمثله ممن مضى ممن يروح ويغتدي
والله ربك إن قتلت لمسلما حلت عليك عقوبة المتعمد
فامنعني فأجلس . فيقول : كيف وقد شرطت لك ألا أفعل ، فاحتال فجلس لها على الطريق في الغلس ، فلما مرت وضع يده على كفلها ، فاسترجعت ، ثم انصرفت إلى منزلها ، فلما حان الوقت الذي كانت تخرج فيه إلى المسجد لم تخرج ، فقال لها ما لك لا تخرجين إلى الصلاة؟ قالت : فسد الناس . والله لا أخرج من منزلي . فعلم أنها ستفي بما قالت . فقال : لا روع يا الزبير : بنت عمر . وأخبرها الخبر ، فقتل عنها يوم الجمل ] .
ثم خطبها رضي الله عنه بعد انقضاء عدتها من علي بن أبي طالب [ ص: 1880 ] فأرسلت إليه إني لأضن بك يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتل - وكان الزبير ، عبد الله بن الزبير إذ قتل أبوه قد أرسل إلى عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل يقول : يرحمك الله ، أنت امرأة من بني عدي ، ونحن قوم من بني أسد ، وإن دخلت في أموالنا أفسدتها علينا ، وأضررت بنا . فقالت : رأيك يا ما كنت لتبعث إلي بشيء إلا قبلته ، فبعث إليها بثمانين ألف درهم ، فقبلتها ، وصالحت عليها . [وتزوجها أبا بكر ، الحسن بن علي فتوفي عنها ، وهو آخر من ذكر من أزواجها ] ، والله أعلم .